ويدور الحديث في «الآية السادسة» من هذهِ الآيات ، عن مشركي العرب فبدلاً من أن يطلبوا الدليل والبرهان والمعجزة من الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله كانوا يتذرعون بأنواع الذرائع من موقع الانكار والجحود ، فتارة يطلبون منه تفجير الينابيع والعيون من الصحاري المقفرة اليابسة والحارة من أرض الحجاز ، وتارة يطلبون جنات من أعناب ونخيل تجري من تحتها الأنهار ، وتارة يطلبون انزال الحجارة من السماء واخرى حضور الباري تعالى والملائكة والبيوت من الذهب؟ وبعدها يقولون :
(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ).
فاولئك بطلباتهم تلك ، قد كشفوا عن واقعهم الزائف حيث يعيشون منتهى الكبر وحبّ الجاه الذي ملأ قلوبهم ، واثبتوا أنّ الإنسان عند ما يقع في سلوكه الأخلاقي والفكري تحت تأثير تلك الصفات الذميمة ، فسوف يتحرك بعيداً عن العقل والمنطق.
اختلف المفسرون بأن ما المراد من كلمة (بيت من زخرفٍ)؟
فاحتملوا فيها أمرين : الأول أنّ المراد من الكلمة هو بيت مليء بالذهب أو أشياء مصنوعة من الذهب ، والثاني : أنّ المراد هو بيت منقوش بالزخارف الذهبية ، ولكن التفسير الأول أوفق لسياق الآية وذلك بالنظر إلى عبارة (من زخرفٍ).
في «الآية السابعة» والأخيرة من هذهِ الآيات التي وردت عقيب الحديث عن قارون ، صدر أمر إلهي عام فقال :
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
نعم فإن عاقبة محبّي الجاه والمستكبرين ، نفس عاقبة قارون الذي باع كل شيء من أجل حبّه للجاه والمقام وعاش مغضوباً عليه ، وختم حياته باللعن الإلهي إلى الأبد.
ويمكن الاستفادة من عطف الفساد على العلو في الأرض في الآية أنّ المتكبرين