مِن عِندِهِ وهو أحسنَ النّاسَ بَصيرة وَأحَسنهم فِيهِ قَولاً» (١).
١٤ ـ وجاء في الروايات عن الإمام المهدي أرواحنا فداه وحسن خلقه وعنايته بالأشخاص الذين يتشرفون بلقائه روايات وقصص كثيرة ، منها ما ذكره المرحوم (المحدّث النوري) في كتابه (جنّة المأوى) عن أحد علماء النجف الأشرف أنّه قال : كان في النجف الأشرف رجل مؤمن يسمّى الشيخ محمد حسن السريرة ، وكان في سلك أهل العلم ذا نية صادقة ، وكان معه مرض السعال إذا سعل يخرج من صدره مع الأخلاط دم ، وكان مع ذلك في غاية الفقر والاحتياج لا يملك قوت يومه ، وكان يخرج في أغلب أوقاته إلى البادية إلى الأعراب الذين في اطراف النجف الأشرف ليحصل له قوت ولو شعير وما يتيسر ذلك ، وكان يكفيه مع شدّة رجائه وكان مع ذلك قد تعلق قلبه بتزويج امرأة من أهل النجف ، وكان يطلبها من أهلها وما أجابوه إلى ذلك لقلّة ذات يده ، وكان في هم وغم شديد من جهة ابتلائه بذلك ، فلما اشتدّ به الفقر والمرض وأيس من تزوج البنت عزم على ما هو معروف عند أهل النجف من أنّه من أصابه أمر فواظب الرواح إلى مسجد الكوفة أربعين ليلة أربعاء ، فلا بدّ أن يرى صاحب الأمر عجّل الله فرجه من حيث لا يعلم ويقضي له مراده ، فواظب على ذلك أربعين ليلة أربعاء ، فلما كان الليلة الأخيرة وكانت ليلة شتاء مظلمة وقد هبّت ريح عاصفة فيها قليل من المطر وأنا جالس في الدكة التي هي داخل باب المسجد وكانت الدكة الشرقية المقابلة للباب الأول تكون على الطرف الأيسر عند دخول المسجد ولا أتمكن الدخول في المسجد من جهة سعال الدم ولا يمكن قذفه في المسجد وليس معي شيء اتقي فيه عن البرد وقد ضاق صدري واشتد عليَّ همّي وغمّي وضاقت الدنيا في عيني وافكر أن الليالي قد انقضت وهذه آخرها وما رأيت أحداً ولا ظهر لي شيء وقد تعبت هذا التعب العظيم وتحملت المشاق والخوف في أربعين ليلة أجيىء فيها من النجف إلى مسجد الكوفة ويكون لي الاياس من ذلك ، فبينما أنا افكر في ذلك وليس في المسجد أحد أبداً وقد أوقدت النار لأسخن عليها قهوة جئت بها من النجف لا أتمكن في تركها لتعودي عليها وكانت قليلة جدّاً
__________________
١ ـ اصول الكافي ، ج ١ ، ص ٥٠٨ ، ح ٨.