إذا بشخص من جهة الباب الأول متوجهاً إليَّ ، فلما نظرته من بعيد تكدرت وقلت في نفسي هذا اعرابي من أطراف المسجد قد جاء إليَّ ليشرب من القهوة أبقى بلا قهوة في هذا الليل المظلم ويزيد عليَّ همّي وغمّي ، فبينما أنا افكر إذا به قد وصل إليَّ وسلّم عليَّ باسمي وجلس في مقابلي فتعجبت من معرفته باسمي وظننته من الذين أخرج إليهم في بعض الأوقات من أطراف النجف أسأله من أي العرب يكون؟ قال : من بعض العرب ، فصرت أذكر له الطوائف التي في أطراف النجف فيقول : لا لا وكلما ذكرت له طائفة قال : لا لست منها فاغضبني ، وقلت له : أجل أنت من طريطرة مستهزءاً هو لفظ بلا معنى ، فتبسّم عليهالسلام من قولي ذلك وقال : لا عليك من اين كنت ما الذي جاء بك إلى هنا ، فقلت : وأنت ما عليك السؤال عن هذه الامور؟
فقال : ما ضرّك لو أخبرتني فاعجبت من حسن أخلاقه وعذوبة منطقه فمال قلبي إليه وصار كلّما تكلم ازداد حبّي له فعملت له السبيل من التتن وأعطيته فقال : أنت اشرب فأنا لا أشرب وصببت في الفنجان قهوة وأعطيته فأخذه وشرب شيئاً قليلاً منه ثم ناولني الباقي وقال : أنت اشربه فأخذته وشربته ولم التفت إلى عدم شربه تمام الفنجان ، ولكن ازداد حبّي به آناً فآناً.
فقلت له : يا أخي قد ارسلك الله إليَّ في هذه الليلة تأتيني أفلا تروح معي إلى أن نجلس في حضرة مسلم عليهالسلام ونتحدّث؟ فقال : أروح معك فحدّث حديثك.
فقلت له : أحكي لك الواقع أنا في غاية الفقر والحاجة مذ شعرت على نفسي ومع ذلك معي سعال أتنخع الدم وأقذفه من صدري منذ سنين ولا أعرف علاجه وما عندي زوجة وقد علق قلبي بامرأة من أهل محلتنا في النجف ومن جهة قلّة ما في اليد ما تيسّر أخذها.
وقد غرّني هؤلاء الملائية وقالوا لي : اقصد في حوائجك صاحب الزمان وبت أربعين ليلة أربعاء في مسجد الكوفة فانك تراه ويقضي لك حاجتك وهذه آخر ليلة من الأربعين وما رأيت فيها شيئاً وقد تحملت هذه المشاق فى هذه الليالي فهذا الذي جاءني هنا وهذه حوائجي.