يكون أشدّ من السب والشتم.
وكذلك إذا استخدمت في المزاح كلمات واهنة ومبتذلة فلا شك أنّها تتسبب في هتك حرمة الإنسان وإزهاق شخصيته.
وهكذا إذا كان المزاح أمام أشخاص ليست لهم قابلية على تقبّله أو لا يحفظون حريم شخصيّة الإنسان ممّا يؤدّي إلى جرأتهم وتطاولهم على الكبير فيقولون من موقع المزاح ما يوهن شخصيته ويطعن في احترامه.
ومثل هذه الانحاء من المزاح ليست فقط غير مطلوبة بل أحياناً تقع في دائرة الذنوب الكبيرة أيضاً.
فعلى السالكين طريق الحق والذين يتحرّكون في تهذيب النفس وتزكيتها يجب عليهم الانتباه فلا يشطبون على المزاح تماماً ويحذفونه من حياتهم ويتحوّلوا إلى أشخاص جامدين ويعيشون الجفاف الروحي والعواطف البشرية واللطافة والمحبّة مع الآخرين ، ولا يتورّطون مقابل ذلك في الذنوب أو الأعمال المنافية للمروءة عند ممارسة المزاح ، فكثيراً ما رأينا بعض الأشخاص المتدينين حسب الظاهر عند ما يتحدّثون في مجالسهم ويتمازحون مع الآخرين يطلقون ألسنتهم بالحكايات المبتذلة التي يشمّ منها رائحة الغيبة أحياناً أو التهمة أو إشاعة الفحشاء أو يتسبب كلامهم في إهانة بعض المسلمين وجرح كرامتهم.
وحتى لو كان المزاح يخلو من أي مطلب منافي للشرع ، فإنّ الإكثار منه يسّبب آثار سلبية وكما يقول بعض العلماء(المَزاحُ فِي الكلامِ كَالمِلحِ فِي الطَّعامِ) ، فلو كان أكثر من اللازم أو أقل منه لما كان الطعام سائغاً وطيّباً.
ومضافاً إلى ذلك فإنّ من يكثر من المزاح فانّ كلامه الجدّي سوف يكون بدون قيمة ، ولا يقبل الناس كلامه الجدّي كما يرام ، وهذا المضمون ورد في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين قال : «مَن كَثُرَ هَزَلُهُ بَطَلَ جِدُّهُ» (١).
__________________
١ ـ غرر الحكم.