الأمانة وردّها إلى صاحبها بالموقع المناسب وعليه أن يخاف الله فيما لو تحدّثت له نفسه بالخيانة.
أنّ تعبير الأمانة في الآية أعلاه يمكن أن يكون إشارة إلى القروض المالية التي يقرضها المسلم لأخيه المسلم من دون كتابة وثيقة أو تأمين وديعة ورهن وذلك بسبب الثقة المتبادلة بين الأفراد ، أو أنّها إشارة الى الأموال التي توضع لدى الشخص بعنوان الرهن ، أو كليهما ، وعلى كل حال فانّ الآية فيها دلالة واضحة على لزوم احترام الأمانة وأدائها في أيّة حالة.
أمّا «الآية الخامسة» والأخيرة من الآيات مورد البحث فتتحدّث أيضاً عن الأمانة الإلهية العظيمة التي عجزت السماوات والأرض والجبال عن حملها وحفظها ولكن الإنسان حملها لوحده وتقول : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً).
فما هي هذه الأمانة العظيمة التي خشيت السماوات مع عظمتها والأرض مع سعتها والجبال مع صلابتها أن يحملنها في حين أنّ الإنسان الضعيف والصغير جدّاً قد حملها؟
ولقد أورد المفسّرون من القدماء والمعاصرين احتمالات كثيرة في تفسير هذه الآية ، ولكنّ ما يقرب للنظر هو أنّ المقصود من الأمانة الإلهية الكبيرة هذه هو المسؤولية والتكليف الملقى على عاتق الإنسان حيث لا يتيسّر ذلك إلّا بوجود العقل والحرية والإرادة.
أجل فإنّ التكليف والمسئولية أمام الله تعالى والناس والنفس هي وظيفة ثقيلة لا يكاد يتحملها ولا يليق بحملها أي موجود آخر سوى الإنسان ، وبتبع ذلك فقد جعل الله تعالى العقل والحرية والإرادة في عملية الانتخاب هي الثواب والعقاب ، ومجموع هذه الصفات الثلاث تبيّن عظمة الإنسان بين المخلوقات بحيث إختاره الله لمقام الخلافة الإلهية وميزه على سائر المخلوقات الاخرى في عالم الوجود.
ولكن هذا الإنسان الظلوم والجهول لم يقدّر هذا المقام الرفيع وتورّط في منزلقات