تتجلّى في دائرة ويفتضح الكاذب حينئذٍ لا من أجل أنّ الكاذب ينسى ما قاله سابقاً ، بل من أجل أنّ الكذب بنفسه لا يتأطر بأطار الحافظة ، لأنّ الحادثة الواقعة في الخارج ترتبط بسلسلة من الحوادث الاخرى ومن موقع العلّة والمعلول وترتبط بما حولها من الحوادث بروابط عديدة وحتميّة ، فالشخص الذي يصوغ حادثة مختلقة يجد نفسه مضطراً إلى أن يربطها بما قبلها وبعدها من ظروف الزمان والمكان والأشخاص والحوادث المحيطة بها وكل ذلك يجب أن يختلقة بما ينسجم مع هذه الحالة الكاذبة ، وبما أنّ هذه الروابط ليس لها حد وحصر ، وعلى فرض أنّه استطاع أن يختلق عدّة حوادث وروابط منسجمة مع بعضها إلّا أنّه قد يترك ثغرات في كلامه حيث يتّضح من ذلك كذبه مثل ما رأينا من قصّة يوسف عليهالسلام حيث جاء الأُخوة بقميصه الدامي إلى أبيهم واختلقوا قصّة أكل الذئب له ، ولكنّهم نسوا أن يمزقوا القميص من عدّة أماكن ، وهكذا إتّضح كذبهم من بقاء القميص سالماً ، أو مثل زوجة عزيز مصر عند ما إدّعت كذباً بأنّ يوسف كان يقصد بها سوء ولكنّها نسيت أنّ قميص يوسف عليهالسلام قد قُدَّ من خلفه ، وهذا دليل واضح على كذبها وأنّها هي التي كانت تلحق يوسف عليهالسلام لا العكس.
وفي هذا العصر فإنّ المحققين في عالم الجريمة يستطيعون بكل سهولة ومن خلال الأسئلة المتعددة عن الحادثة ولوازمها وخصوصياتها أن يكشفوا صدق أو كذب المدّعي بحيث نادراً ما يفلت منهم كاذب دون أن يفتضح ، أجل فإنّ الكاذب ليست له حافظة قويّة ، وسوف يفتضح سريعاً على أيّة حال.
الثاني : من النتائج السلبية للكذب هو أنّه يجر الإنسان إلى أن يكذب مرّات عديدة أو يرتكب ذنوباً اخرى للتغطية على كذبته الاولى أو يرتكب حماقات خطيرة لهذا الغرض.
الثالث : من مضرّات الكذب هو أنّه يبيح للشخص الكاذب أن يغطي على خطيئته وإثمه ولو بشكل مؤقت ويتستر على سلوكياته المنحرفة في حين أنّه لو كان يتحرّك من موقع الصدق فإنّه يجد نفسه مضطراً إلى ترك هذه الأعمال القبيحة.
الرابع : من مضرّات الكذب هو أنّه يدفع بصاحبه إلى أن يسلك في خط النفاق ويصبح من