ودليل ذلك واضح ، لأنّه لو تزلزلت أركان الوفاء بالعهد واليمين في المجتمع البشري فإنّ ذلك من شأنه أن يثير الفوضى وعدم الثقة بالآخرين ، وفي الواقع فإنّ الناقضين للعهود يضربون جذورهم بأيديهم ، ولهذا فلا يوجد عاقل يرتكب مثل هذه الحماقة.
ونظراً إلى أنّ بعض الأقوياء أو الفئات المتنفّذة في المجتمع تبيح لنفسها أحياناً نقض العهد بذرائع واهية وتتحرّر من قيود القيم والتعهدات الفردية والاجتماعية لذلك يقول القرآن الكريم : (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) وهو في الحقيقة إشارة إلى هذا المعنى ، وهو أنّه إذا كانت فئة من الناس أقوى وأكثر عدداً من فئة اخرى فلا ينبغي ذلك أن يكون مسوّغاً لنقض العهد من قبلهم ، لأنّ ذلك سوف يتسبب فيما بعد بالحاق الضرر لهم ، فالآخرون عند ما تسنح لهم الفرصة ويكونون أقوياء في المستقبل سوف يعاملوهم بنفس المعاملة.
وهذه الآية لا تقرّر ضرورة الوفاء بالعهد في الإطار الفردي فحسب ، بل تتسع لتشمل البنود والمواثيق الجماعية والعالمية أيضاً كما تشير إلى ذلك هذه العبارة من الآية الشريفة : (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ).
وفي «الآية السابعة» يشير القرآن الكريم إلى سيرة الأقوام السالفة وعاقبتهم المؤلمة ويذكر بعض نقاط ضعفهم وانحرافهم ، ومن ذلك يشير إلى أمرين مهمين في دائرة السلوكيات السلبية الذميمة ، يقول : (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ).
وهذا العهد هو العهد العام الذي أخذه الله على الامم السابقة ولكنّهم نقضوه ولم يفوا به ، ولكن ما هو ذلك العهد العام؟
هناك اختلاف وكلام بين المفسّرين في هذا المجال ، فذهب البعض إلى أنّ المراد منه العهد والميثاق الفطري الذي قرّره الله تعالى في واقع الفطرة لجميع الناس أن يتحرّكوا في خط التوحيد والتقوى والاستقامة ، مضافاً إلى أنّ النعم والمواهب الإلهية المعطاة للإنسان