من العقل والعين والاذن وغير ذلك ، فإنّ مفهومها أنّ الإنسان يستخدمها في طريق الخير والصلاح ويفتح أبواب عقله وفكره على الحقائق والامور الواقعية ويذعن لها من موقع الطاعة والإيمان ولا يستسلم أمام الأوهام والخرافات ولا يتحرّك بوحي الأهواء والشهوات.
وكذلك يمكن أن تكون إشارة إلى العهد والميثاق الذي أخذه الأنبياء عليهمالسلام على الناس في بداية الدعوة ولكن الكثير من الناس الذين يقبلون بهذه الدعوة السماوية في البداية ، فإنّهم ينقضونها فيما بعد ويتحرّكون في خط الانحراف والباطل.
ويمكن أن تكون إشارة إلى جميع العهود والمواثيق المذكورة آنفاً سواءً الفطرية والتشريعية.
وعلى أيّة حال فإنّ الآية الشريفة محل البحث شاهدة على هذه الحقيقة ، وهي أنّ مسألة نقض العهد وعدم الالتزام بالمواثيق هي أحد العوامل المؤثّرة في شقاء الامم وانحطاطهم وسلوكها في خط الانحراف والضياع كما نجد هذا الحال في الامم الدنيوية المعاصرة التي تلتزم بالعهود والمواثيق ما دامت ضعيفة ولكن إذا وجدت في نفسها قوّة وقدرة على الطرف الآخر فإنّها لا تعترف بأي عهد وميثاق ، بل تكون الرابطة بينهما هي رابطة القوة ، والقانون هو قانون الغاب.
«الآية الثامنة» والأخيرة من الآيات مورد البحث بعد أن تتحدّث عن بعض جرائم اليهود وأزلامهم تقول : (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ، ونقض العهد هذا من جانبهم يدلّ على كفرهم وعدم إيمانهم.
فمن جهة نرى أنّهم قد أخذ عليهم العهد بأن يؤمنوا بالنبي الموعود الذي وردت البشارة به في التوراة ، ولكنهم ليس لم يؤمنوا به فحسب بل أنهم نقضوا العهود مع هذا النبي بعد هجرته إلى المدينة وانضمّوا إلى صفوف أعدائه وخاصة في حرب الأحزاب حيث إتحد اليهود مع المشركين ضد رسول الله والمسلمين في المدينة وأجهروا بعداوتهم واستعدوا