العجيبة حيث بعث الخليفة في ذلك الزمان الجيش إلى هذه المدينة لفتحها.
يقول فضل بن زيد الرقاشي : حاصرنا سهرياج في أيام عبد الله بن عامر وقد سار إلى فارس افتتحها ، وكنّا ضمنا أن نفتحها في يومنا وقاتلنا أهلها ذات يوم فرجعنا إلى معسكرنا وتخلف عبد مملوك منّا فراطنوه ، فكتب لهم أماناً ورمى به في سهم فرحنا إلى القتال وقد خرجوا من حصنهم وقالوا : هذا أمانكم فكتبنا بذلك إلى عمر ، فكتب إلينا : إنّ العبد المسلم من المسلمين ذمته كذمتكم ، فلينفذ أمانه ، فأنفذناه (١).
ومصدر هذه القصة هو ما ورد من الحديث النبوي المعروف في حجة الوداع حيث قال رسول الله صلىاللهعليهوآله للمسلمين كافة : «المُؤمِنُونَ إِخْوَةٌ تَتَكافَأُ دِمائُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ يَسْعى بِذِمَّتِهِمْ أَدْناهُمْ» (٢).
٢ ـ وورد في التواريخ الإسلامية أنّ المسلمين في عصر الخليفة الثاني هزموا الساسانيين وقبضوا على (هرمزان) قائد الجيوش الفارسية وجاءوا به إلى عمر بن الخطاب ، فقال له الخليفة : لقد نقضت العهود معنا دائماً فلما ذا إرتكبت هذا العمل؟ فقال الهرمزان : أخاف أن تقتلني قبل أنّ أقول لك سبب ذلك ، فقال له الخليفة : لا تخف.
وفي هذه الأثناء طلب الهرمزان الماء فجيىء له بإناء فيه ماء فقال الهرمزان : لو أعلم بأنني أموت من العطش فأنني لا أشرب من هذا الأناء أبداً.
فقال لهم عمر : إذهبوا وأتوه بماء في إناءٍ يقبل أن يشرب منه ، فجاؤوا له بقدح فيه ماء وناولوه بيده ، فنظر إلى ما حوله ولم يشرب وقال : أنني أخاف أن أقتل وأنا أشرب الماء.
فقال له عمر : لا تخف فأنا أعطيك الإمان من القتل إلى أن تنتهى من شرب الماء.
فما كان من الهرمزان إلّا أن ألقى بالقدح من يده فانسكب الماء على الأرض ، فقال عمر وهو يتصور أنّ القدح سقط من يده بدون اختيار : ناولوه قدحاً آخر ليشرب.
فقال الهرمزان : أنا لا أريد الماء بل كان مقصودي أن أحصل منك على الإمان ، فقال له
__________________
١ ـ معجم البلدان ، ج ٣ مادة سُهرياج.
٢ ـ اصول الكافي ، ج ١ ، ص ٤٠٤ ، ح ٢.