٩ ـ قال الإمام على بن موسى الرضا عليهالسلام لأحد أصحابه : «أَبلِغْ عَنِّي أَولِيائِي السَّلامَ وَقُلْ لَهُم أَنْ لا يَجعَلُوا لِلشِّيطانِ عَلى أَنفُسِهِم سَبِيلاً وَمُرهُم بِالصِّدقِ فِي الحَدِيثِ وَأَداءِ الأَمانَةِ وَمُرهُم بِالسُّكُوتِ وَتَركِ الجِدالِ فِيما لا يَعنِيهم» (١).
١٠ ـ نختم هذا البحث بحديث آخر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله عن نسبة الإيمان والمراء والجدال ، حيث يقول : «لا يَستَكمِلُ عَبدٌ حَقِيقَةَ الإِيمانِ حتَّى يَدَعَ المِراءَ وَالجَدَلَ وإِن كانَ مُحِقّاً» (٢).
أمّا المراء الذي سبق وأن قلنا بالفرق بينه وبين الجدال فحاصل الكلام هو أنّ الجدال يعني كل شكل من أشكال الشجار اللفظي والنزاع الكلامي ، في حين أنّ المراء يأتي بمعنى المباحثة في شيء يكون فيه شك وترديد ، فتارة تكون هذه المباحثة بدافع من طلب الحق وتوضيح المطلب ، واخرى تكون بدافع من التعصّب واللّجاجة وإظهار التفوّق والفضل على الطرف الآخر ، وهذه الحالة مذمومة جداً ، وفي الروايات الإسلامية ينصب الذم على هذا النوع من المباحثة اللفظية ، رغم عدم وجود تفاوت كبير بينه وبين الجدال.
١ ـ ورد في الحديث الشريف معنى المراء بما تقدم أعلاه ، فعن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قال : «لا يَستَكمِلُ عَبدٌ حَقِيقَةَ الإِيمانِ حتَّى يَدَعَ المِراءَ وَالجَدَلَ وإِن كانَ مُحِقّاً» (٣).
وهذا إشارة إلى أنّ المناقشة والمنازعة اللفظية من موقع اللجاجة وبدافع من إظهار التفوّق والفخر على الآخر حتّى في المسائل الحقّة تكون سبباً في سقوط الإنسان على المستوى الأخلاقي والعقائدي.
٢ ـ وفي حديث آخر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أيضاً بواسطة عدّة أشخاص من الصحابة الذين قالوا : دخل رسول الله يوماً علينا ونحن نتمارى في شيء من أمر الدين فغضب غضباً شديداً لم يغضب مثله ثم قال : «إِنّما هَلَكَ مَنْ كانَ قَبلَكُم بِهذا ، ذَرُوا المِراءَ فَإِنَّ المُؤمِنَ لإ
__________________
١ ـ ميران الحكمة ، ج ١ ، ص ٢٧٣.
٢ ـ المحجة البيضاء ، ج ٥ ، ص ٢٠٨.
٣ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٣٩ ، ح ٥٣.