عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً).
إنّ سوء الظن بالله تعالى من جانب هؤلاء هو لانهم كانوا يتصوّرون أنّ الوعود الإلهية للنبي الأكرم صلىاللهعليهوآله سوف لا تتحقّق أبداً وأنّ المسلمين مضافاً إلى عدم انتصارهم على العدو فإنّهم سوف لا يعودون إلى المدينة اطلاقاً ، كما كان في ظن المشركين أيضاً حيث توهّموا أنّهم سوف يهزمون رسول الله وأصحابه لقلّة عددهم وعدم توفّر الأسلحة الكافية في أيديهم وأنّ نجم الإسلام منذر بالزوال والافول ، في حين أنّ الله تعالى وعد المسلمين النصر الأكيد وتحقّق لهم ذلك ، بحيث أنّ المشركين لم يتجرّأوا أبداً على الهجوم على المسلمين (رغم أنّ المسلمين في الحديبية وعلى مقربة من مكّة كانوا تحت يدهم ولم يكونوا يحملون أي سلاح لأنّهم كانوا قاصدين لزيارة بيت الله الحرام) وهكذا ألقى الله تعالى الرعب والخوف في قلوب المشركين إلى درجة أنّهم خضعوا ووجدوا أنفسهم ملزمين بكتابة الصلح المعروف بصلح الحديبية ، ذلك الصلح الذي مهّد الطريق للإنتصارات الباهرة التي نالها المسلمون فيما بعد.
وعلى أيّة حال فإنّ القرآن الكريم يذم سوء الظن هذا ذمّاً شديداً ويعد عليه العذاب الأليم والعقاب الشديد في الدنيا والآخرة.
والملفت للنظر في هذه الآية أنّ مسألة سوء الظن بالله تعالى كانت بمثابة القدر المشترك بين المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ، وبيّنت هذه الآية أنّ جميع هذه الفئات والطوائف شركاء في هذا الأمر ، بخلاف المؤمنين الذين يحسنون الظن بالله تعالى وبوعده وبرسوله الكريم ويعلمون أنّ هذه الوعود سوف تتحقّق قطعاً ، ولعلّ تحقّقها قد يتأخر فترة من الوقت لمصالح معيّنة ولكنها أمر حتمي في حركة عالم الوجود ، لأنّ الله تعالى العالم بكل شيء والقادر على كل شيء لا يمكن مع هذا العلم المطلق والقدرة اللّامتناهية أن يتخلّف في وعده ، ولهذا السبب فإنّ الآية التالية لهذه الآية من سورة الفتح تقول : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً).
أمّا السبب الذي دفع المنافقين والمشركين أن يقعوا في حبالة سوء الظن في حين أنّ