والانتقام والحسد والدوافع الرذيلة الاخرى؟
ومن البديهي أنّ المراد من غضب يونس عليهالسلام هنا هو غضبه على قومه الظالمين والفاسقين ، والمراد من العبارة (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) هو أنّ يونس عليهالسلام تصوّر أنّ تركه لقومه لم يكن عملاً سيئاً بحيث يستلزم كل تلك العقوبة والتوبيخ ، والمقصود من إعتراف يونس عليهالسلام بظلمه هو ظلمه لنفسه الذي قاده إلى هذه النتيجة الصعبة.
وأمّا الآيات التي تستعرض الحلم من موقع الثناء والتمجيد والمدح فهي كالتالي :
«الآية الرابعة والخامسة» من الآيات محل البحث يستعرض القرآن الكريم حالات النبي إبراهيم عليهالسلام من موقع وصفه بعنوان : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) و (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) ، فالعبارة الاولى وردت في واقعة رفض آزر (عم إبراهيم) لدعوة إبراهيم للتوحيد ورفض الأصنام واستغفار إبراهيم عليهالسلام له ، والثانية وردت في قصّة إخبار الملائكة لإبراهيم عن العذاب الإلهي النازل على قوم لوط وطلب إبراهيم الخليل عليهالسلام من الله تعالى أن يخفّف عذابهم أو يمهلهم أكثر من ذلك.
«أوّاه» تأتي بمعنى الرحيم والحنون ، والذي يتحرّك قلبه لهداية قومه وامّته.
وعلى أيّة حال فإنّ ما ورد في القرآن الكريم من وصف النبي إبراهيم عليهالسلام ب «أواه حليم) و (أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) يبيّن الرابطة الوثيقة بين هاتين الصفتين ، ويدلّ على أنّ كظم الغيظ والسيطرة على الغضب والتحرّك من موقع الحلم والمحبّة تجاه الآخرين حتّى لو كانوا مجرمين والسعي لإنقاذهم من الخطيئة والعقوبة كل ذلك يعدّ من الصفات الإيجابية البارزة للأنبياء الإلهيين.
إنّ النبي إبراهيم عليهالسلام لم يكن حليماً تجاه عمّه آزر فحسب ، بل حتى بالنسبة إلى قوم لوط عليهالسلام الذين كانوا قد غرقوا في ذلك الوحل العفن من الخطيئة حيث نرى إبراهيم عليهالسلام ينطلق من قلب متحرّك ليرفع عنهم العذاب أو يؤجله إلى إشعار آخر كيما يتسنى لهم