٦ ـ وجاء في حديث آخر عميق المعنى عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «مِنْ أَحَبَّ السَّبِيلِ إِلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ جُرعَتانِ جُرعَةَ غَيطٍ تَرُدُها بِحِلمٍ وَجُرعَةُ مُصِيبَةٍ تَرُدُّها بِصَبرٍ» (١).
٧ ـ وسمع الإمام علي عليهالسلام يوماً رجلاً يشتم خادمه قنبر وكأنّ قنبر أراد أن يجيبه فقال له الإمام : «مَهلاً يا قَنبَر ، دَع شاتِمَكَ ، مُهاناً ، تَرضي الرَّحمنَ ، وَتُسخِطُ الشَّيطانَ ، وَتُعاقِب عَدوَّكَ ، ، فَوَ الَّذِي خَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرأَ النَّسَمَةَ ما أَرضى المُؤمِنُ رَبَّهُ بِمِثلِ الحِلمِ ، وَلا أَسخَطَ الشَّيطانَ بِمثلِ الصَّمتِ ، وَلا عُوقِبَ الأَحمَقُ بِمثلِ السُّكُوتِ عَنهُ» (٢).
٨ ـ وورد عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «مَنْ كَظَمَ غَيظاً وَهُوَ قادِرٌ عَلى إِنفاذِهِ وَحَلُمَ عَنهُ أَعطاهُ اللهُ أَجرَ شَهيدٍ» (٣).
٩ ـ وورد في حديث عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّ أباه علي بن الحسين عليهالسلام قال : «إنَّهُ لَيُعجِبُنِي الرَّجُلُ أَنْ يُدرِكُهُ حِلمُهُ عِنَدَ غَضَبِهِ».
١٠ ـ ونختم هذا البحث بحديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام (رغم وجود روايات كثيرة في هذا الباب) ورد في هذا الحديث عن حفص ابن أبي عائشة قال : بعث أبو عبد الله عليهالسلام (الصادق) غلاماً له في حاجة فأبطأ ، فخرج أبو عبد الله عليهالسلام على أثره لمّا أبطأ ، فوجده نائماً ، فجلس عند رأسه يروّحه حتّى انتبه ، فلمّا تنبّه قال له أبو عبد الله : «يا فلان واللهِ ما ذَلِكَ لَكَ ، تَنامُ اللّيلَ وَالنَّهارِ ، لَكَ اللّيلُ وَلَنا مِنكَ النّهارُ» (٤).
هذا السلوك الممعن في المحبّة والتواضع والحلم للإمام عليهالسلام يمكنه أن يكون اسوة للأشخاص الذين يعيشون حالة الغضب والحدّة وأنّهم في مثل هذه الموارد عليهم أن يسدلوا الستار على غضبهم ويسلكوا طريق الحلم وضبط النفس.
وهنا ينبغي استعراض بعض الامور المهمّة في هذا الباب :
١ ـ إنّ الحلم وضبط النفس له آثار إيجابية كثيرة في حياة الناس على المستوى الفردي والاجتماعي ، ومن ذلك :
__________________
١ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١١٠ ، ح ٩.
٢ ـ سفينة البحار ، مادة الحلم.
٣ ـ جامع الأحاديث ، ج ١٣ ، ص ٤٧٩ ، ح ١٢.
٤ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١١٢ ، ح ٧.