بتجاوز حالة العفو والصفح والصعود إلى مرتبة أرقى منها ورد السيئة بالحسنة وهو العمل الذي لا يتيسّر من أي شخص كان ، ولهذا فإنّ الآية التي بعدها تقول : (وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
وفي الحقيقة فإنّ مقابلة السيئة بالحسنة عمل ثقيل جدّاً لا يستطيع النهوض به إلّا من اوتي القدرة على النهوض بالأعمال الخيّرة المهمّة ، والذين يعيشون الإيمان والتقوى والقيم الإنسانية بالمستوى الأعلى.
والملفت للنظر أنّ سيرة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله والأئمّة المعصومين عليهمالسلام طافحة بمثل هذه النماذج من السلوكيات الأخلاقية والإنسانية حتّى أنّه أحياناً يؤدّي سلوكهم الإنساني هذا إلى انقلاب الطرف الآخر من موقع الشر والعداوة إلى موقع الخير والمحبّة ، والتجارب العملية الكثيرة تشير إلى التأثير الكبير لهذه الأعمال الأخلاقية في دائرة السلوك الإنساني والعلاقات الاجتماعية.
وتتعرض «الآية السابعة» إلى الحديث عن مسألة القصاص والتي تعدّ أحد الأحكام الاجتماعية المهمّة للإسلام والتي تضمن حقوق الناس وتحفظ لهم أنفسهم ودمائهم من أشكال العدوان بحيث أنّ القرآن الكريم يعبّر عن القصاص بكلمة «الحياة» ولكنّه في نفس الوقت يفضّل عليه العفو والصفح وتقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى).
وبعد أن تذكر الآية موارد القصاص بالمثل تقول : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ).
فلو أنّ القصاص تبدّل إلى الدية فعلى الطرف الآخر أن يتّخذ سبيل المعروف في عملية أداء الدية إلى ولي المقتول ، وهذا المعنى بمثابة التخفيف والرحمة من الله تعالى للناس.
وفي ختام الآية صرح القرآن الكريم أنّ بعد العفو والصفح أو تبديل القصاص إلى الدية لا حقّ في الرجوع في ذلك وممارسة سلوك العدوان والقساوة وقتل القاتل عند القدرة