الإعراض عن الأخلاق إعراض عن كل شيء
مقدمة :
في هذا الوقت الذي أكتب فيه هذه المقدمة ، يدور الحديث في الأوساط العالمية عن العمليات الإرهابية التي وقعت في أمريكا وأضرارها على ذلك البلد وعلى جميع العالم ، ثم الحديث عن الحملات الانتقامية التي تزمع أمريكا القيام بها ضد أفغانستان ومناطق اخرى.
الجميع يتحدث عن الآثار السياسية والاقتصادية المترتبة على هذه العمليات الإرهابية المدمّرة على المدى القصير والبعيد ، ولكن قلّما نجد من يتحدث عن المعطيات الأخلاقية لهذه الحادثة الفريدة.
واحدى هذه المعطيات هو أنّ أكبر قدرة عالمية يمكنها أن تكون الأضعف بين دول العالم بحيث ينهار رمز عظمتها وشموخها فجأة بواسطة هجوم عدّة أشخاص.
والمعطى الآخر يشير إلى عدم إمكان الاعتماد على شيء في هذا العالم ، حيث يمكن أن تتبدل جميع الحسابات والمعادلات بواسطة حادثة ارهابية قام بها أشخاص معدودون بحيث أذلّت رقاب المقتدرين وفضحت إدعاءات المستكبرين ودوّخت أذهان المدبّرين واستغفلت عقول الحاكمين بحيث لم ينتبهوا إلّا بعد أن انتهى كل شيء.
والآخر ، أنّ الإنسان المعاصر وبسبب ضعف دعائم الأخلاق الفردية والاجتماعية يدفع ثمناً باهضاً في حركة الحياة ويرى كل شيء في خطر المحق والانهيار.
عند ما ينهار قصر «العدالة» البهيج وتحل محلّه اطلال الظلم والجور ، وافرازات الأنانية وحبّ الجاه والسلطة لقوى الانحراف ويصل النصل إلى العظم لدى المحرومين والمعدمين ويعيشون الاختناق في هذه الظروف العصيبة.
وعند ما لا تسمح حالات الغرور والتكبر بإدراك الحقائق الموجودة على أرض الواقع من موقع الوضوح في الرؤية بحيث يعجز الإنسان عن إدراك ما يجري حوله من تفاصيل