الروايات الإسلامية بهذا النص إلّا أنّ هذا المضمون والمفهوم قد ورد في الروايات الشريفة عن المعصومين ، ويمكن أن يكون لها معنيان وتفسيران :
الأول : أنّ ترك شكر المخلوق هو شاهد ودليل على روح العناد وكفران النعمة لدى هذا الشخص وبسبب ذلك فإنّه لا يعيش التقدير والاحترام للآخرين بل أحياناً تستولي عليه حالة انتظار الاحسان من الناس ويرى أنّهم مقصّرون في حقّه ، ومثل هذا الإنسان سوف لا يعيش الشكر للخالق جلّ وعلا ، ولا سيّما أنّ النعم والخيرات التي تصل إلى الإنسان عن طريق الآخرين تكون محدودة ولذلك يشعر بها الإنسان ويلمسها من قريب لأنّها تقع بين الفينة والاخرى ، أمّا المواهب الإلهية فكثيرة ولا متناهية وتحيط بوجود الإنسان تماماً ولذلك فإنّها لشدّة ظهورها تكاد تخفى على الإنسان الغارق في النعمة فلا يكاد يشعر بها.
والآخر : أنّ شكر المخلوق هو في الواقع شكر الله تعالى ، لأنّ شكر المخلوق ما هو إلّا واسطة للفيض وانتقال النعمة من الله تعالى إلى الآخرين ، وعليه فإنّ من لم يشكر المخلوق فهو في الواقع لم يشكر الله تعالى.
وعلى كل حال فقد ورد التأكيد على هذا المعنى في الروايات الإسلامية وأنّ المسلم لا بدّ أن يعيش الشكر للمخلوق الذي أوصل إليه النعمة ، وللخالق الذي هو أصل النعمة بل وينبغي اعطاء الشاكر مزيداً من النعمة تشجيعاً لواقع الشكر كما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام قوله ، أنّه ورد في التوراة : «اشكُرْ مَنْ أَنعَمَ عَلَيكَ وَأَنعِمْ عَلَى مَنْ شَكَرَكَ» (١).
ونقرأ في المفاهيم القرآنية أنّ الله تعالى يأمر بتقديم الشكر للمخلوقين إلى جانب شكره تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)(٢).
ولا شكّ أنّ الوالدين لا يختصّون بإيصال الخير للإنسان أو أنّهما أصحاب الحق فقط عليه (رغم أنّ حقهما عظيم) فإنّ كل من كان له حق معنوي أو مادّي على الإنسان فلا بدّ من تقديم الشكر له.
__________________
١ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٩٤.
٢ ـ سورة لقمان ، الآية ١٤.