بني سعد قبيلة حليمة السعدية وقعوا أسرى بيد المسلمين في حرب حنين ، وعند ما رأى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله شيماء بين الأسرى تذكّر خدماتها هي وامّها في أيّام طفولته ، فنهض من مكانه إحتراماً لها وفرش عباءته على الأرض وأجلس شيماء عليها وأخذ يسألها بكل لطف ومحبّة عن أحوالها وقال : أنت صاحبة الفضل عليّ وكذلك امّك ، في حين أنّه قد مرّ على ذلك ستون سنة تقريباً ، وهناك طلبت شيماء من النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله أن يطلق سراح أسرى قبيلتها فقال : أنا اوافق على هذا الطلب من سهمي ، فعند ما سمع المسلمون ذلك وهبوا حصّتهم كذلك من الأسرى لشيماء ، وبالتالي تم تحرير جميع أسرى هذه القبيلة بسبب تلك المحبّة والخدمة التي عاشها النبي صلىاللهعليهوآله في مرحلة الطفولة (١).
ومثال آخر على ذلك هو ما ورد في سيرة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله من أنّه كانت هناك امرأة تدعى (ثويبة) التي نالت شرف ارضاع رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل «حليمة السعدية» من لبن ولدها «مسروح» ، فعند ما هاجر النبي صلىاللهعليهوآله ورزقه الله المال كان يرسل لها بعض الثياب والهدايا إلى آخر حياتها حيث توفيت بعد واقعة «خيبر».
والعجيب أنّه جاء في بعض التواريخ أنّ هذه الامرأة «ثويبة» كانت أَمة «أبي لهب» وعند ما بشرت أبا لهب بولادة رسول الله أعتقها أبو لهب (ومعلوم أنّ أبا لهب في ذلك الزمان قام بهذا العمل بسبب رابطة القرابة بينه وبين رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حيث فرح أبو لهب لمّا رزق أخوه عبد الله).
وعند ما مات أبو لهب بعد سنوات من العداء والأذى لرسول الله صلىاللهعليهوآله رآه أخوه العباس في عالم الرؤيا ، فسأله عن حاله ، فقال : أنا معذّب في النار ، ولكن يخفّف عني العذاب في ليالي الاثنين بحيث أشرب الماء من بين أصابعي ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ولد يوم الأثنين ، وعند ما بشرتني أمتي ثويبة بولادته وعلمت أنّها أرضعته لعدّة أيّام أعتقتها» (٢).
__________________
١ ـ اعلام الورى ، ص ١٢٦ و ١٢٧ ، سفينة البحار مادة «حلم».
٢ ـ سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٥٢٢ (مفردة ثويبة).