فإنّ غيبته مباحة حتى لو كان ذنبه مستوراً ويتمسّكون في هذا بالرواية الواردة عن الإمام الصادق عليهالسلام حيث أنّه قال : «مَنْ عامَلَ النّاسَ فَلَم يَظلِمهُم ، وَحَدَّثَهُم فَلَم يَكذِبْهُم ، وَوَعَدَهُم فَلَم يُخْلِفْهُم كَانَ مِمَّنْ حُرِّمَ غَيبَتُهُ وَكَمُلَتْ مُرُوَّتُهُ وَظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ وَوَجَبَتْ إخُوتُهُ» (١).
وبهذا فإنّ الغيبة تكون محرّمة إذا كانت بالنسبة إلى الشخص العادل بينما الشخص الفاسق فيجوز غيبته حتى لو كان يمارس الذنب في الخفاء.
العلّامة المجلسي قدسسره يميل إلى هذا الرأي أيضاً في الجزء ٧٢ من بحار الانوار باب كتاب العشرة رغم أنّه عدل عن هذا الرأي في ذيل كلامه أيضاً (٢).
ولكن من المسلّم أنّ هذه الرؤية تسبب في أن يكون أكثر الناس تجوز غيبتهم وهذا على خلاف اطلاق الآية القرآنية والروايات العديدة في مجال حرمة الغيبة.
ومضافاً إلى الروايات الكثيرة التي تقرّر أنّ عدّة طوائف من الناس تجوز غيبتهم أو لا غيبة عليهم ومنهم الفاسق المتجاهر بالفسق ومن جملة ذلك ما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «أَربَعَةٌ لَيسَتْ غَيبَتُهُم غَيبَةٌ ، الفاسِقُ المُعلِنِ بِفِسقِه ، ....» (٣).
ونفس هذا المضمون ورد في رواية اخرى عن الإمام الباقر عليهالسلام أيضاً.
ويقول الإمام الصادق عليهالسلام في هذا الصدد : «إذا جاهَرَ الفاسِقُ بِفِسقِهِ فَلا حُرمَةَ لَهُ عَلى غَيبَةٍ» (٤).
ونقرأ في حديث آخر عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهالسلام أنّه قال : «مَن أَلقى جِلبَابَ الحَياءِ فَلا غَيبَةَ لَهُ» (٥) ، وهناك أحاديث متعددة اخرى صريحة في هذا المعنى ، وبمقتضى مفهوم الوصف لهذه الأحاديث ، بل مفهوم الشرط حيث يكون الكلام في مقام الاحتراز ونفي الغير يتّضح جيداً أنّه إذا إرتكب الشخص الذنب في الخفاء فلا يجوز غيبته ، وكما سوف يرد
__________________
١ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٢٣٩ ، ح ٢٨.
٢ ـ بحار الانوار ، ٧٢ ، ص ٢٣٥ إلى ٢٣٧.
٣ ـ المصدر السابق ، ص ٢٦١.
٤ ـ بحار الأنوار ، ج ٧٢ ، ص ٢٥٣.
٥ ـ المصدر السابق ، ص ٢٦٠.