الآخر قبل الأشياء كلها ، ثم خلق الأشياء كلها فنورها من نوري ونور علي» (١).
وبالجملة المستفاد من الأخبار الكثيرة أنه قد خلق من شعاع أنوارهم جميع الأنوار والأرواح الطيبة من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين والعباد الصالحين.
بل الجنة ، والرضوان ، والحور ، والقصور ، والأفلاك ، والأملاك ، والشمس والقمر ، والنجوم ، بل الأعمال الحسنة والأفعال الصالحة.
ولذا قال الصادق عليهالسلام في خبر المفضل بن عمر :
«نحن أصل كل خير ، ومن فروعنا كل بر ، ومن البر : التوحيد ، والصلاة والصيام وكظم الغيظ عن المسيئ ، ورحمة الفقير ، وتعاهد الجار ، والإقرار بالفضل لأهله.
وعدونا أصل كلّ شر ، ومن فروعهم كل قبيح وفاحشة ، فمنهم الكذب والنميمة ، والبخل ، والقطيعة» إلى أن قال : «وكذب من قال : إنّه معنا وهو متعلق بفرع غيرنا» (٢).
ومنها : الاشتقاق العكسي الظلّي التبعي ، وإن كان إطلاق الاشتقاق عليه لا يخلو من نوع تسامح ، وذلك كاشتقاق الظل من الشاخص والظلمة من النور ، والحزن من السرور والعدم المضاف من الوجود ، والطينة الخبيثة من الطيبة ، والسجين من عليين ، فإن الله تعالى كان في أزليته فردا متفردا ليس معه شيء فخلق الأشياء لا من شيء ، فأول ما خلقه من الأكوان هو المشية الكونية ، خلقها بنفسها وخلق الأشياء بها سعيدها وشقيها طيبها وخبيثها برها وفاجرها ، إلّا أنّ المسمّيات الأوليّات خلقت من سنخ المشية ، وهو العبودية التي حقيقتها المعرفة بالله والتقرب إليه.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢٦ / ٣٤٥ ، ح ١٨ ، عن إرشاد القلوب.
(٢) البحار : ج ٢٤ / ٣٠٣ ، ح ٤٧.