والعوالم الخمسة هي الأربعة الكونيّة المتقدّمة بعد عالم الأزل ، وإن كانت حضرة التنزيه تأبى من عدّه في عداد خلقه ، (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (١) ، إلّا أنّ بينونته عن خلقه بينونة صفة لا بينونة عزلة ، داخل في الأشياء لا كولوج شيء في شيء ، وخارج لا كخروج شيء من شيء ، (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ). الى غير ذلك من العوالم الكليّة والجزئيّة الّتي لا يمكن إحصائها واستقصائها ، ولذا عبّر عنها (٢) ، العالم عليهالسلام بألف الف عالم ، مشيرا الى نوع الكثرة والزيادة ، وإلّا فلعلّها على فرض كونها متناهية أكثر من ذلك بكثير ، بل العوالم المندرجة تحت عالم الإمكان لا تحدّ بحدّ ولا تعدّ بعدّ ، إذ لا نهاية لكلّ جزئيّ من جزئياته ، فسبحان الله ذي الملك والملكوت ، سبحان الله ذي العزّ والجبروت ، سبحان الحيّ الذي لا يموت.
تذييل وتكميل
قال البيضاوي : إنّ في قوله تعالى : (رَبِّ الْعالَمِينَ) دليلا على انّ الممكنات كما هي مفتقرة الى المحدث حال حدوثها فهي مفتقرة الى المبقى حال بقائها بناء على ما ذكر سابقا أنّ معنى التربية تبليغ الشيء الى كماله شيئا فشيئا ، وبيّنه شيخنا البهائى في حواشيه بأنّ الصفة المشبّهة دالّة على الثبوت والاستمرار فتربيتها الّتي هي تبليغها على التدريج حدّ كمالها مستمرّة ثابتة له تعالى ، ومن جملة ذلك إبقائها الى الأمد الذي يقتضيه حالها بل هو من أعظم افراد التربية التي
__________________
(١) المائدة : ٧٣.
(٢) المجادلة : ٧.