ولهذا وجب مراعاة حروف الإمام ، لأنّ في كلّ حرف فائدة تزول بتغيير ذلك ألا ترى إلى قوله : (يَقْضِي بِالْحَقِ) (١) كتب بغير ياء ، ولو كتب بالياء لبطل قراءة من قرء بالصّاد ، وكذلك قوله : (غَيابَتِ الْجُبِ) (٢) كتب بالتّاء من غير الف إذ لو كتب الألف بطل قراءة من قرء غيابة على الواحدة ، ولو كتب بالهاء بطل قراءة من قرء بالجمع.
أقول : وهو كما ترى مبنىّ على ملاحظة الوجوه الاعتباريّة والرّسوم الغير المعتبرة من دون استناد كلّ من الرّسوم والقراءات إلى ما يصلح الاعتماد عليه ، وعلى فرض انتهاء الجميع إلى النّبى صلىاللهعليهوآلهوسلم فالواسطة بينهم وبينه صلىاللهعليهوآلهوسلم ما ذكروه في كتبهم ممّن لا يخفى حاله وعدده ، ومع ذلك فلعلّ الأولى ترجيح قراءة مالك لما سمعت نعم ربما يقال : إنّ الأولى القراءة بكلّ منهما في ركعة ، وتقديم المدّ في الاولى لزيادته نظرا إلى تطويل الاولى على الثّانية فتأمّل.
تنبيه
اعلم أنّ لليوم إطلاقات أحدها : مجرّد الوقت والزّمان طويلا كان أو قصيرا حتى الآن كقوله : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٣) فانّ شئون الرّبوبيّة دائمة مستمرة سيّالة كاستمرار الزّمان وسيلانه ففي كلّ آن له شأن بل شئون وقوله : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) (٤) أى وقته (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) (٥) ، (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى
__________________
(١) غافر : ٢٠.
(٢) سورة يوسف : ١٠ ـ ١٥.
(٣) الرحمن : ٢٩.
(٤) الانعام : ١٤١.
(٥) الأنفال : ١٦.