علوا كبيرا).
ومع اتحاد الجميع فمن أين حصل التغاير في هذا البين ، وما شؤون الربوبية؟ وما حدود الخلق؟ وكيف تنزيه الخالق بعد اتحاده مع الخلق ، بل الكثافات والقاذورات ، وأنت تعلم أنّ الصباغ لم يؤثّر في خلق الثوب ، ولا في خلق الصبغ ، وقد أوجد الانصباغ واتصاف الثوب بالصبغ ولو بالتسبيب ، فإذا كان الله تعالى لم يوجد شيئا من الماهيات ولا من الوجودات ، بل ولا شيئا من اتصاف الماهية بالوجود ، فكيف يكون خالقا موجدا مبدعا فردا واحدا قديما متفردا في أزليته منزها عما يجوز على خلقه.
وبالجملة القول بوحدة الوجود ينثلم معه جميع أساس التوحيد بل الشرائع كافة ، ولهذا ظهر منهم القول بالحلول والاتحاد وانقطاع العذاب وغيرها من المقالات التي سنفصل الكلام في تحريرها وإبطالها في موضع أليق إن شاء الله تعالى.
وإن كان بطلانها غنيا عن ذلك ، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) (١).
تتميم نفعه عميم
اعلم أنّ الربوبية من الرب مطلقا أو مقيدا لها درجات ومقامات يجمعها أمران :
أحدهما : الربوبية إذ لا مربوب لا ذكرا ولا عينا ولا ظهورا وهي الذات البحت القديم الذي لا اسم له ولا رسم ، ولا وصف ولا نعت ، ولا عبارة ، ولا إشارة ،
__________________
(١) النور : ٤٠.