الفصل الرابع
في المباحث المتعلقة بالاسمين العظيمين الكريمين
وهما الرحمن الرحيم المشتقان على ما قيل من رحم بكسر العين للمبالغة على وزن ندمان ونديم واشتقاق الصفة المشبهة من المتعدي مع لزوم صوغها من اللازم مبنيّ على ما نصّ عليه غير واحد من أئمة الأدب من أنّ المتعدّي قد يجعل لازما بمنزلة والغرائز ، فينقل إلى فعل بضم العين ، ثم يشتق منه الصفة المشبهة.
قالوا : وهذا باب مطّرد في المدح والذم ، ولذا قيل في قوله : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ) (١) : رفيع درجاته لا رافع للدرجات.
بل ربما يرفع الإشكال عن «الرحيم» مضافا إلى ذلك بنصّ سيبويه على كونه صيغة مبالغة من قولهم «هو رحيم فلانا».
وكيف كان فالرحمة لغة قيل بمعنى الرقة والانعطاف الموجب للتفضل والإحسان ، ومنه الرحم لانعطافها على ما فيها.
وتستعمل مضافا إليه سبحانه بمعنى إيصال الفضائل ودفع المكاره ، وبمعنى الحياة مطلقا أو الحياة الإيمانية ، بمعنى المغفرة كقوله : «يا بارئ خلقي رحمة لي» (٢) و (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) (٣) ، (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ
__________________
(١) غافر : ١٥.
(٢) بحار الأنوار : ج ٨٥ / ٢٣٥ ح ٥٩ عن مصباح الشيخ.
(٣) هود : ٤٣.