فتح للباب وكشف الحجاب
إن تقصد والرشد لدين قويم |
|
فالتزموا صراطه المستقيم |
من جاء بالحبّ له في الورى |
|
فقد أتى الله بقلب سليم |
اعلم أنّ مقتضى الالوهيّة أن يعرّف الله تعالى نفسه لعباده حتى يعرفوه وإذا عرفوه عبدوه ، كما ورد في اخبار مستفيضة ، ومقتضى الربوبيّة أن يسوق إليهم ما يمدّ وجودهم وبقائهم وتنقلهم وتحولهم في كل عالم من العوالم ، الأرواح ، والأشباح ، والأصلاب ، والأرحام إلى البرزخ والحشر ثم الى الجنة أو النار.
وقضيّة الإمكان أنّ الإنسان في كل العوالم يحتاج إلى جملة من الإمدادات والفيوضات بحسب أجزائه وأعضائه ومشاعره وقواه ، ولا تصل تلك الفيوضات إلا من الله سبحانه ، وحيث إنّه تعالى أبى أن يجرى الأمور إلا أسبابها ، ومنها الطريق الموصل للإفاضات الى العبد وهذا الطريق هو صراط الله الى عبده ، فكلّ من كان واسطة لإيصال شيء من الفيوض هو صراط منه سبحانه ، لكن الصراط الأتمّ الأقوم هو النبيّ الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمير المؤمنين ، وذريّته الطيّبون صلوات الله عليهم أجمعين ، فإنهم (صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (١) على أحد الوجهين من كون الوصف والضمير للصراط على وجه التحمّل والوساطة لا الشركة والاستقلال.
ولذا عقّبه بقوله : (أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (٢) ولا ينافيه قوله : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) أى إياب هذا الخلق (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) (٣) بعد حفظ الحدود ، وأفاض عليهم من رحمته ، وقامت بهم غيرهم قياما إفاضيا اشراقيا كالإشراقات
__________________
(١) الشورى : ٥٣.
(٢) الشورى : ٥٣.
(٣) الغاشية : ٢٦.