قال : وأنا أقول للمصنّف لا يتعب نفسه فإنّه إن صعد السّماء أو نزل الأرض أو قتل نفسه أو غير ذلك لا يكون ربّا ولا يكون قديما ، ولا أصل له في الأزل أبدا ولا يقبل منه ذلك إلّا من كان يريد مثل هذه المرتبة ، وهم معه مثل ما قيل في ذمّ أبى الحسين الجزّارة.
إن تاه جزاركم عليكم |
|
بفطنة في الورى وكيس |
فليس يرجوه غير كلب |
|
وليس يخشاه غير كيس |
وعن الشيخ علاء الدولة السمناني في حاشيته الحتوفات المسماة بالفتوحات عند قول ابن عربي : سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها أنه قال : يا شيخ إنّ الله لا يستحيي من الحقّ شيئا لو قيل : إنّ فضلة الشيخ عين وجود الشيخ لا تسامحه بل تغضب عليه ، فكيف يجوز ذلك أن تنسب هذا الهذيان إلى الملك الديّان تب الى الله تعالى لتنجو من هذه الورطة الوعرة الّتي تستنكف عنها الطّبيعيون والدهريون.
نمط آخر من الكلام لتنقيح المرام
اعلم أنّ الله تعالى لم يخلق شيئا فردا لا ضدّ له كما قال : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) (١).
وفي خبر عمران الصابي عن مولانا الرضا عليهالسلام : إنّ الله لم يخلق شيئا فردا قائما بنفسه دون غيره للذي أراد من الدلالة على نفسه وإثبات وجوده (٢).
وذلك لأنّ التماثل والتضاد والاقتران كلّها من صفات الإمكان الّتي لا يتّصف الواجب بشيء منها لتنزّهه عن الأنداد والأضداد.
__________________
(١) الذاريات : ٤٩.
(٢) التوحيد ص ٣١٨ ـ العيون ج ١ ص ١٦٩ وعنهما البحار ج ٥٧ ص ٥٢.