الفصل الثالث
في المباحث المتعلقة بلفظة الله
اعلم أنّه كما عجزت العقول عن إدراك كنه جماله ، وانحسرت البصائر والأبصار دون النظر إلى سبحات وجهه وعزّ جلاله ، لاحتجابه بأنوار العظمة والكبرياء وأشعة سرادق البهاء والسناء.
كذلك تحيّروا أيضا في لفظة (الله) كأنّه انعكس إليه من تلك الأنوار أشعة بهرت أعين المستبصرين ، ولذا تحيّر فيه أفكار الناظرين ، فاختلفوا فيه أنه سرياني ، أو عبراني ، اسم ، أو صفة ، مشتقّ ، ومم اشتقاقه ، أو غير مشتق ، علم أو غير علم.
وحاصل الأقوال فيه أربعة :
أحدها : أنه ليس بعربي ، بل هو معرب ، أصله (لاها) بالسريانية ، وقيل بالعبرانية ، فعرب بحذف الألف الأخيرة ، وإدخال الألف واللام عليه ، وردّ بأن فيه إثبات العجمة بغير دليل.
مضافا إلى ما ستسمع من الشواهد الدالة على اشتقاقه من الأخبار وغيرها.
ثانيها : انه اسم عربي علم غير مشتق ، بل مرتجل.
قيل : وعليه الأكثر وهو المحكي عن الخليل ـ وأتباعه من أكثر الأصوليين والفقهاء ، واختاره الرازي ، ونسبه إلى سيبويه (١) أيضا.
__________________
(١) سيبويه أبو بشر عمرو بن عثمان البصري ، توفي سنة (١٨٠) ه ـ العبر : ج ١ / ٢٧٨.