علامة للجمع أصلا ، بل لزيادة الدلالة ، بل قيل : من لطائف الغرائب أنّ المفرد والمثنى يعمّ ذوي العقول وغيرهم ، بخلاف الجمع فإنّه يختصّ بذوي العقول ، ولعلّها قيست بالجمع السالم.
ثالثها حذف الياء اكتفاء بالكسرة الدالّة عليها على حدّ قوله : (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) (١) لكنّها شاذّة كالوجه الرابع الذي يحذف فيه الكسرة أيضا ، وكانّهما وقعا في ضرورة الشعر فظنّوهما لغتين ، بل لعلّ الوجه الأول أيضا كذلك.
تبصرة
للصراط اعتبارات ثلاثة لأنّه في نفسه طريق معنوي محصور بين المبدأ والمنتهى ، وهو مشروع مجعول من الله سبحانه لسلوك العبد فيه ، ولذا وصفه أوّلا بالاستقامة التي هي صفة ذاتية له ، ثمّ أضافه في السالكين الذين أنعم الله عليهم بسلوك هذا الصراط المستقيم في التوجه إليه والإقبال عليه ، ثمّ أشار الى أنّه نعمة منه ، وأنّه هو المنعم به على عبيده ، وإنّما أضافه إلى المنعم عليهم بالفتح دون المنعم بالكسر للتنبيه على كون هذا الصراط الموصوف بالاستقامة طريقا لهم نعمة من الله عليهم ، ولذا قال بعد قوله : (وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) ... (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) (٢).
وانّه ليس لأحد التنعّم بهذه النعمة الجليلة المحتوية على خير الدنيا والاخرة إلّا بمتابعتهم ومشايعتهم والاقتداء بهديهم والاهتداء بنورهم (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (٣).
__________________
(١) القمر : ٦.
(٢) النساء : ٦٨ ـ ٦٩.
(٣) الانعام : ٩٠.