حكم الاستعاذة
ولا خلاف بيننا في استحباب الاستعاذة قبل القراءة بلا فرق بين كون المقروء تمام السورة أو بعضها ، مفتتحا بالبسملة أو لا ، حتي بعض الآية ، وبالجملة كل ما يصدق عليه القرآن ، لقوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (١).
وفي «تفسير العياشي» عن الصادق عليهالسلام ، قال : سئلته عن التعوذّ من الشيطان عند كل سورة نفتحها؟ قال : نعم ، فتعوذّ بالله من الشيطان الرجيم (٢).
ويحمل الأمر في الآية عليه ، وإن كان ظاهرا في الوجوب ، بل يمكن أن يقال بعد تسليم ذلك في موضعه : ليس الأمر في الآية ظاهرا فيه لكون المطلوب فيه غيريا ، فلا يتجاوز مطلوبية مطلوبية ذلك الغير ، وهي على وجه الاستحباب من حيث الذات ، وأما العوارض فلا عبرة بها.
ومن جميع ما مر مضافا إلى الأصل والاستصحاب وعدم مزية المقدمة على ذيها ، يظهر ضعف ما حكاه في «الذكرى» عن أبي علي (٣) ابن الشيخ رحمة الله عليه من القول بوجوبها في خصوص الصلاة ، لكونه مردودا بما سمعت ، بل مسبوقا بالإجماع حسب ما ادعاه والده شيخ الطائفة (٤) مضافا إلى ما رواه
__________________
(١) سورة النحل : ٩٨.
(٢) تفسير العياشي ٢ / ٢٧٠ ح ٦٨ الحلبي عن ابى عبد الله عليهالسلام قال : سألته ... إلخ ـ وعنه البحار ١٩ / ٥٤.
(٣) أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي ، أجازه والده في سنة (٤٥٥) ه ، وقرأ على والده أبي جعفر جميع تصانيفه ، وله كتاب الأمالي وشرح النهاية.
(٤) شيخ الطائفة على الإطلاق هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي تلمذ على الشيخ المفيد والسيّد المرتضى وغيرهما ، وكان فضلاء تلامذته المجتهدون يزيدون على ثلاثمائة من الخاصة ومن العامة ما لا تحصى.