ومن هنا يظهر أيضا معنى ما روى أنّ الله عزوجل حمّل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذنوب شيعتنا ، ثم غفرها له بقوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) (١). (٢)
إرشاد وهداية في تفسير الصراط
الصراط في الأصل مطلق الطريق ، أو الطريق الواضح ، أو خصوص المتّسع منه ، من سرّطه إذا ابتلعه ، سمّى به لأنّه يسرط المارّة ، أى يبتلعها ، وهو كالطريق والسبيل في التذكير والتأنيث ، إذ قد يذكّر صفة كلّ منهما باعتبار اللفظ ، وقد تؤنّث باعتبار المعنى ، كذا قيل ، لكنّه لا يخلو من تأمّل ، إذ الظاهر من كلام أهل اللغة والاستعمالات العرفية أنّ الصراط لا يؤنّث ، والطريق قد يؤنّث ، والسبيل قد تذكّر.
ويفرّق بحسب المعنى بينها بأنّ الطريق ما يطرقه طارق ، والسبيل ما كان معتاد السلوك والصراط كالسبيل إلّا أنّه يستقيم غالبا.
والخطب سهل بعد وضوح استعمال كل منها موضع الآخر ، إنّما الكلام في المقصود بالصراط المستقيم في المقام.
فقيل : إنّه كتاب الله تعالى ، بل في «المجمع» إنّه المرويّ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن أمير المؤمنين عليهالسلام (٣) ، ولذا فسّره به ابن مسعود.
وقيل : إنّه الإسلام ، وهو المحكي عن جابر وابن عبّاس ، ولعلّه المراد
__________________
(١) الفتح : ٢.
(٢) كنز الدقائق ج ١٢ ص ٢٦٩ عن تأويل الآيات الباهرة ح ٥٩١ عن محمد بن سعيد المروزي قال : قلت لرجل : أذنب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم قطّ؟ قال : لا ، قلت : فقول الله تعالى : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) ما معناه؟ قال : إنّ الله سبحانه حمّل محمّدا صلىاللهعليهوآله ذنوب شيعة عليّ عليهالسلام ثم غفر له ما تقدّم منها وما تأخّر.
(٣) مجمع البيان : ج ١ / ٣١.