ثمّ انّه يستفاد من تفسير الإمام عليهالسلام أنّ الكلام على تقدير القول حيث قال : قال الله تعالى : قولوا يا أيّها الخلق المنعم عليهم إيّاك نعبد أيّها المنعم علينا ونطيعك مخلصين مع التذلّل والخضوع بلا رياء ولا سمعة ، وإيّاك نستعين منك نسئل المعونة على طاعتك لنؤديها كما أمرت ونتّقي من دنيانا ما نهيت عنه ، ونعتصم من الشّيطان الرّجيم من سائر مردة الجنّ والانس من المضلّين ومن المؤذين الظّالمين بعصمتك (١).
نقل وافادة في تحقيق العبادة
العبادة قيل هي سياسة النفس على تحمّل المشاق في الطّاعة ، وردّ بانّ للملائكة عبادة ليست فيها شيء من المشقّة لكونها على مقتضى كينوناتهم المجرّدة المحضة ولذا ورد أنّ غذائهم التّسبيح بل وكذا غيرهم من الّذين يتبهّجون بالعبادة ويتنعّمون بها وبانّه قد يصدق على طاعة الابن لأبيه والعبد لسيّده والأجير للمستأجر ونحوها ، وقيل : إنّها الطّاعة للمعبود وهو مشتمل على دور ظاهر مضافا إلى انتقاضه طردا بإطاعة كلّ مطيع لكلّ مطاع وعكسا بعبادة الكفّار للأصنام الّتي ليس لها أمر ولا نهى بل لا يتحقّق الامتثال بالنّسبة إليها.
ويمكن دفع الأوّل بأنّ التّعريف لفظىّ أريد به مجرّد تصوّر المعنى ، والثّانى بعدم صدق المعبود على كلّ مطاع والشّاهد العرف ، والثّالث : بأنّ المعبود حقيقة عند عبادة الأصنام هو الشّيطان ، ولذا قابله بعبادة الرّحمن في قوله : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا
__________________
(١) تفسير الامام العسكري عليهالسلام ص ١٨.