المستعاذ منه
الثاني : المستعاذ منه وهو الشيطان ، ووزنه إما فيعال من الشطن وهو البعد ، ومنه بئر شطون أي بعيدة القعر ، سمي لبعده عن الله ، أو عن رحمته ، أو عن صراطه السوي ، أو عن الخير ، وإن كان مرجع الجل أو الكل إلى واحد.
أو أنه علم شخصي أو اسم لكل عات متمّرد من جن أو إنس ، ومنه (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) (١).
أو فعلان من الشيط أي الاحتراق ، والهلاك ، والبطلان ، لاحتراقه بشهب السماء ، أو بشهب قلوب المؤمنين ، وهي الأنوار المحرقة للنيران ، أو بنفسه حنقا وغيظا ، إذا راى متقربا يتقرب إلى ربه ، ولأنه هالك في نفسه باطل في ذاته ، مبطل في دعواه ولمصالحه ومصالح من يتبعه.
وكيف كان ، فلا خلاف بين المسلمين ، بل بين كافة المتشرعين ، ولو بالشرايع السالفة في وجود الشياطين ، بل عليه إجماع جميع الأنبياء والأولياء ، كما يكشف عنه اتفاق أممهم في جميع الأعصار والأمصار ، مضافا إلى تواتر أخبارهم بتمثله لهم ، والأمر بالتعوذ منه ، ومكالمته مع غير واحد من الأنبياء وغير ذلك مما يتعلق بوجوده ، بل ينبغي أن يعد التصديق بوجوده من ضروريات المذهب بل الدين المبين ، فيكون منكره خارجا عن زمرة المسلمين.
هذا كله مع الغض عن الآيات القرآنية كآية الاستعاذة (٢) وآيتي النزغ بل آياته (٣) ، كقوله :
__________________
(١) الأنعام : ١١٢.
(٢) سورة النحل : ٩٨.
(٣) يوسف : ١٠٠ ، الإسراء : ٥٣ ، الأعراف : ٢٠٠ ، فصلت : ٣٦.