ولا استقصاء لها.
أقول : وأنت ترى أنّه كأكثر ما حكيناه عن غيره أيضا كلها تكلّفات وتصنّعات في معنى الخبر. ولعل المعنى الأول الذي ذكرناه هو الأظهر.
تنبيه نبيه
ربما علّل الافتتاح بالاسم في البسملة بكونه مقحما كما مرّ خروجا للكلام من صورة اليمين إلى التيمّن ، أو لإجراء الكلام موافقا للعرف وعادات الناس الذين كانوا من عبدة الأصنام ، حيث إنّهم كانوا يقولون باسم اللّات والعزى ، أو لاستصغاء القلوب عن العلايق ، واستخلاص الأسرار من غواشي العوائق ، قبل التلفظ باسم الخالق ، كي يحصل التوسّل به بعد التخلي عن الأغيار والتحلي بالأسرار ، وصفاء الأنوار ، أو لغرض التوصل إلى التبرّك والاستعانة بذكر اسمه تعالى ، حيث إنّه يحصل بالتلبس بالآلة نحو كتبت بالقلم ، ومن البيّن أنه بالاسم لا بالذات ، ولو قال بالله لأوهم التلبس بالذات ، أو لئلا يخص التبرك باسم دون اسم.
فالاستعانة بذكر اسمه يشمل جميع أسمائه ، لأن إضافة اسم الجنس إلى المعرفة تفيد العموم ، يحصل الاستعانة بجميع أسمائه التي منها لفظة (الله) لا بلفظة (الله) فقط.
أو لأنّ الابتداء باسم الله تعالى أشدّ وفاقا لحديث الابتداء وهو النبوي :
«كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر» (١).
إلى غير ذلك مما لا يخلو بعضها من تأمل.
لكن الذي ينبغي أن يقال في المقام : أنّك قد سمعت أنّ الله سبحانه خلق
__________________
(١) مفاتيح الغيب : ج ١ / ١٩٦.