تنبيها على ظهور ربوبيته وسريان فيض تربيته في جميع الإمكان والأكوان من الدرّة إلى الذرّة ، وعقّبه باسمي الرحمن والرحيم إشعارا بأن إتمام النعمة إنما هو بصفتي الرحمة ، وهذه الجملة كالاستدلال على استحقاقه لجميع المحامد التي سمعت الكلام في عمومها وإحاطتها.
إحقاق وإزهاق
كما أنّ الرب حسبما سمعت إمّا مطلق لا يطلق إلا عليه سبحانه ، أو مقيّد يطلق على غيره أيضا ، كذلك ينقسم إلى حقيقي وواسطي ، وبعبارة أخرى إما أصلي أو ظلي آلي ، والحقيقي الأصلي هو الله سبحانه سواء اعتبر مطلقا أو مقيدا ، لا من حيث التقيد والقصور في نفسه ، بل من حيث التعبير وملاحظة المورد ، فهو الرب الحقيقي لكل شيء من كل وجه ، ولذا قال : (رَبِّ الْعالَمِينَ) و (رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) (١) و (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ) (٢).
وقال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : «توحّد بالربوبية وخص نفسه بالوحدانية» (٣) ، فهو الرب الحق ، والرب المطلق ، ولذلك تنقطع عنده الوسائط ، وتضمحل الكثرات ، ويستند الكل إليه ، لأنه معطي القابليات ومفيض الاستعدادات ، ومسبب الأسباب ، ورب الأرباب.
وإلى هذا أشار كليم الله على نبينا وآله وعليهالسلام بعد قول فرعون : (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٤).
__________________
(١) الأنعام : ١٦٤.
(٢) مريم : ٦٥.
(٣) بحار الأنوار : ج ٤ / ٢٧٠ ، ح ١٥.
(٤) طه : ٥٠.