كقطرة الماء في الأصداف درّ |
|
وفي بطن الأفاعي صار سما |
نعم له سبحانه نوع من الإفاضات القدسية والإمدادات الإيمانية الغيبية ، وهو الفضل الذي بيده يؤتيه من يشاء ، «إن لربكم في أيام دهركم نفحات إلا فتعرّضوا لها» (١).
فانظر كيف جعله من شؤون الربوبية وأضافه إلى الأيام الدهرية التي هي وعاء للنفوس القدسية والعقول الجبروتية دون الأزمنة التي هي وعاء للأجسام الغاسقة الناسوتية ، والنفوس المنهمكة في الشهوات الجسمانية ، فهو سبحانه قد تجلّى في خلقه لخلقه بخلقه ، بها تجلّى صانعها للعقول ، بحيث قد ملأ العمق الأكبر بشؤون ربوبيته كما قال الإمام عليهالسلام : «لا يرى في نور إلا نورك ولا يسمع فيها صوت إلا صوتك» (٢) فظهر لكل شيء بصفة ربوبيته ، ولذا علّق المعرفة باسم الرب دون غيره من الأسماء في قوله : «من عرف نفسه فقد عرف ربه» (٣) و «أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه» ، فكلّ من طلب منه حاجة من حوائج الدنيا والآخرة ، أو انتجع منه فائدة فلا بد أن يدعوه بهذا الاسم الذي هو رب نوع المطالب والمقاصد ، وحل طلسم العوائد والفوائد ، بل في دعائه باسم الربوبية إذعان له بحقيقة العبودية التي هي جوهرة كنهها الربوبية كما في الخبر (٤) الذي تأتي إلى تحقيق معناه الإشارة ، ولذا جعلوه مفتاحا لحوائجهم ، تحقيقا لعبوديتهم وتصديقا بربوبيته ، وتوصلا بما هو كالمفتاح للكنوز الغيبية ، والخزائن الإلهية ، وكالطالع للمواليد القدسية والنفحات الملكوتية ، بل أضيف في المقام إلى «العالمين» المحلى بالألف واللام المفيدة للعموم
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢٢١ ، وج ٩٠ ، ص ٩٥ ، ح ١٠.
(٢) بحار الأنوار : ج ٩٠ / ٢٠٤ ، ح ٣٤ ، دعاء ليلة الخميس.
(٣) البحار : ج ٢ / ٣٢ ، ح ٢٢.
(٤) مصباح الشريعة : الباب الأول في العبودية.