المستقيم ، وفقنا الله وايّاكم الاعتصام بحبلهم بلطفه العميم وفضله الجسيم ، إنّه هو البرّ الرحيم ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
كلام في المقام لبعض الاعلام
قال في المجلى : في الهداية أقوال : أحدها قول أهل الظاهر ، فإنّهم قالوا : هداية الله للإنسان على اربعة أوجه :
الأول : الهداية العامّة لكل مكلّف ، وهي العقل ، والفطنة ، وإزاحة العلّة ، ونصب الأدلّة.
الثاني : الهداية الحاصلة للإنسان بدعائه إيّاه على ألسنة الأنبياء والأولياء وإنزال الكتب والشرائع والإنذار والترهيبات والترغيبات.
الثالث : اللطف الخاصّ الذي يختصّ به من سلك طريق السعادة الاخروية المشار اليه بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) (١).
الرابع : الهداية في الآخرة الى طريق الجنّة للثواب : (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ) (٢).
وفي هذا الوجه نسبوا الهداية الى الجنة والثواب الى الآخرة ، وهو خارج من الأصول ، لأنّ دخول الجنّة عند بعض ليس إلّا بالايمان ، وعند الآخرين بالايمان مع الأعمال الصالحة ، وعلى التقديرين إذا حصلا وجب دخول الجنّة بلا خلاف ، فلا يحتاج صاحبها الى إرشاد وهداية إليها ، وإن لم يحصلا فلا هداية له ولا جنة ولا ثواب ، فلا تصلح نسبة الهداية إلى الآخرة لأنّها دار الجزاء لا دار العمل فيكون
__________________
(١) محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ١٧.
(٢) محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ٥.