ولذا قال في التّجريد : والأصلح قد يجب عليه تعالى ، والشّارح لمّا لم يتفطّن بما يقتضيه لفظة قد التّقليليّة اعترض بما لا يرد عليه ، ولذا نبّه عليه الورع الأردبيلى وشيخنا البهائى وغيرهما ، سلّمنا كون القضيّة عندهم كلّية بالنّسبة إلى الإمدادات الوجوديّة والكماليّة بعد الإيجاد لكن الإيجاد غير واجب عليه عندهم ، كما صرّحوا به وبه يستحقّ الثّناء عليه بل على جميع الفيوض الواصلة منه بعد الإيجاد لترتّبه عليه.
هذا مضافا إلى أنّ وجوب الأصلح عليه لا ينافي استحقاق الثّناء بفعله ، إذ لا يخرج الفعل بوجوبه عن كونه اختياريّا ، ولذا لم يقيّدوا الجميل في تعريف الحمد بعدم الوجوب بل بكونه اختياريّا ، وليت شعري كيف يستحقّ تعالى الحمد على صفاته الّتي يستحيل انفكاكها منه مع انّه غير مختار فيها ولا موصوف بالتفضل بها ولا يستحق الحمد على أفعاله الجميلة الاختياريّة بمجرّد القول بكونها واجبة عليها.
إيراد كلام لنقض إبرام
قد سمعت وجه اختصاص الرحمن به سبحانه وانّه لا يجوز إطلاقه على غيره وإن جاز اطلاق الرّحمة كقوله : (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (١) وقوله : (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (٢) وقولهم : «ارحم ترحم» (٣) و «انّ الله قسّم جزء من الرّحمة بين خلقه به يتراحمون ويتعاطفون» (٤). إلى غير ذلك من الإطلاقات الكثيرة
__________________
(١) الروم : ٢١.
(٢) يوسف : ٦٦.
(٣) بحار الأنوار : ج ٤ / ١٠٠ ح ٤٨.
(٤) لم أظفر على مصدره ولكن قريب منه ما روى عن أمير المؤمنين عليهالسلام : «من رحمته أنّه خلق