يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (١) ، ثمّ قال : وحينئذ يستغنى عن بعض التكلّفات.
ثمّ بعد تسليم التقيّد لا يخفى في كون أفعاله سبحانه على مذهبهم اختياريّا حسب ما سمعت.
ولذا عدّ الصدر الأجل الشّيرازى وغيره من أفاخم الطّائفة الفاعل بالعناية من أقسام الفاعل بالاختيار ضرورة انّهم لم يقصدوا صرف العلّية الّتي ليس معها إدراك وعلم وإرادة وقدرة أصلا فانّهم يثبتون هذه الصّفات له سبحانه على الوجه الأجلّ الأفضل الأكمل ، وقضية ذلك ثبوت الاختيار له في فعله ولو على الوجه الّذى سمعت ، هذا كلّه مضافا إلى ما سمعت من عدم اختصاص الحمد باللّسان فضلا عن كونه اختياريّا لشموله للحمد الذّاتى والفعلى وغير ذلك من الأقسام في جميع النّشئات وشئون الوجودات الثلاثة.
وأمّا ثانيا فلأنّ ما أورده على المعتزلة غير وارد عليهم ، فانّهم لم يقولوا إنّ جميع ما يصدر عنه سبحانه من النّعم والإحسان وكلّ ما يفاض عنه من الكرم والامتنان واجبة عليه حتّى لا يوصف بالنّسبة إلى شيء منها بالتّفضّل كى يستحقّ به المدح والثّناء كيف وهو سبحانه مبتدئ بالنعم قبل استحقاقها ، بل إنّما ذهبوا إلى وجوب بعض الأشياء عليه كبعض الألطاف المقرّبة بالطّاعات والباعثة على فعل العبادات.
وتوهّم أنّهم كالإماميّة عطّر الله مراقدهم قالوا بوجوب الأصلح عليه سبحانه ، ومن البيّن أنّ كلّ فرد من أفراد الإحسان لحسن بحال لوجوبه لا يكون متفضّلا كى يستحقّ الحمد عليه مدفوع بأنّ هذا تقوّل عليه وجهل بمذهبه حيث ما صرّح به محقّقوهم.
__________________
(١) الإسراء : ٧٩.