وبالجملة فلما كمل الميزان وتمت الأركان وتحقق في مقام العبودية ظهر بصفة الربوبية ، كما قال مولانا الصادق عليهالسلام : «العبودية جوهرة كنهها الربوبية ، فما فقد من العبودية وجد في الربوبية ، وما خفي عن الربوبية أصيب في العبودية ، قال الله عزوجل : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (١)» (٢) أي موجود في غيبتك وفي حضرتك.
فالعبد إذا تمكن في مقام العبودية وانقطع نظره عن نفسه ودام توجهه إلى ربه اضمحلت ماهيته وإنيته ، ولذا قيل :
بيني وبينك إنّي ينازعني |
|
فادفع بلطفك إنّي من البين |
وقد يقال : إن المشية هي الوجود المطلق الذي لا ماهية له أصلا لانقطاع نظره عن نفسه ، فليس إلا ظهور الرب به ومن ثم ظهر بصفة الربوبية إذ مربوب كما ورد في الخبر القدسي :
«عبدي إني أقول للشيء كن فيكون ، أطعني تكن مثلي تقول للشيء كن فيكون» (٣).
نفحات غيبوبيّة في أنّ العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة
قد سمعت في الخبر المتقدم المروي في «مصباح الشريعة» عن مولانا
__________________
باب ١٠٠.
(١) فصلت : ٥٣.
(٢) مصباح الشريعة : باب (١٠٠) في العبودية.
(٣) شرح توحيد الصدوق : ج ١ / ٣١٦ في شرح الحديث السابع عشر لقاضي سعيد القمي المتوفى (١١٠٧) ه.