الصادق عليهالسلام : «إن العبودية جوهرة كنهها الربوبية» (١) إلى آخر ما مرّ وحيث قد استصعب فهمه على الأفهام تصدّى لبيانه جمع من علمائنا الأعلام رفع الله قدرهم في دار السلام.
ولا بأس بالتعرض لما ذكروه مع ذكر ما من الله على هذا الفقير الذي لهم من جملة الخدام.
فمنها ما ذكره المجلسي الثاني حيث سئل عن معنى الخبر قال : «إن هذا الخبر مأخوذ من مصباح الشريعة وقد وصل إلينا برواية شقيق البلخي الذي هو من صوفية العامة مع اشتماله على جمله من النقل المعلوم انتفائها عن الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
وعلى تقدير صحة الخبر لعل المراد أن العبودية والربوبية متقابلان فيعرف كل منهما بمقابله ، كما قيل : «تعرف الأشياء بأضدادها» ، ولذا فسّر الخبر المشهور : «من عرف نفسه فقد عرف ربه» (٢) بما يئول إليه وذلك أن عرف نفسه بالفقر والقصور والحاجة والنقصان وصفات الإمكان فقد عرف ربه بالغنى والكمال والتقدس عن سمة الحدوث والتغير وصفات الإمكان ، وكذلك من عرف نفسه بالدنائة والخسة ، فقد عرف ربه بالعلو والرفعة ، ومن عرف نفسه بالجهل والعلم الخارج عن الذات فقد عرف ربه بالعلم الذي هو عين الذات ، إلى غير ذلك.
والحاصل إن العبودية يعرف كنهها من معرفة الربوبية ، فما فقد في العبودية من صفات القدس والكمال كوجوب الوجود والتجرد والاستغناء المطلق والعلم الذاتي إلى غير ذلك من الكمالات التي لا حظ للممكن فيها ، وجد في الربوبية وما
__________________
(١) مصباح الشريعة : باب (١٠٠).
(٢) كلام مشهور رواه الفريقان عن نبيّنا صلىاللهعليهوآله وعن علي عليهالسلام ، وعن عيسى المسيح عليهالسلام ، وعن بعض الحكماء.