تجلّيات أنوار أجساد عباداتهم التي هي أفعالهم الشرعيّة في ناحية الرّحمة الرحيميّة ، وهم (الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) (١) فاستجابوا لله وللرسول ولوليّ الأمر من بعده فلمّا أجابوا خلقوا بصورة الإجابة على هيكل التوحيد الذي هو صبغة الله ، فيكون مبدؤه من النور ، إلى النور ، ومنقلبه في النور ، فيشرح الله صدره للإسلام بالطاعة التامّة العامّة لوليّ الأمر عليهالسلام.
وامّا الّذين أنكروا بقلوبهم أو في مقام التفصيل بعد ما أقرّوا بألسنتهم في مقام الإجمال فخلقهم الله من الظلمة الّتي هي حقيقة الإنكار وولاية الجبت والطاغوت فبانكارهم خلقوا من الظلمة ، ولو أقرّوا لخلقوا من النور حين اقرّوا ولكنهم أنكروا فخرجوا عن ولاية أولياء الله الّتي هي مطرح أشعّة أنوار الإيمان إلى ولاية أعدائه الّتي هي بحر الظلمة ، ودار النقمة المخلوقة من جهة المقابلة ، فإنّ الله تعالى خلق النور وخلق الظلمة فالمؤمن بحسن اختياره بأفعاله خلق من النور ، والمنافق بسوء إختياره وقبح أفعاله خلق من الظلمة المخلوقة من الظلم ، إنّ الله لا يظلم الناس شيئا ولكنّ الناس أنفسهم يظلمون.
نقد وتحصيل
لعلّك بعد التأمل فيما ذكرناه ينكشف لك النقاب عن وجوه الأخبار الواردة في الباب فإنّك قد عرفت أنّ معرفتهم ومحبّتهم وإطاعتهم هي الطريق المستقيم للخلق إلى الخالق بشرط أن يكون عدلا متوسطا بين الغلو والتقصير ، فإنّ ذلك هو مقتضى ولايتهم دون غيره كما أنّ مقتضاها الاعتدال والتوسط في جميع الأحوال والأخلاق الّتي قد سمعت أنّ فضائلها هي الأوساط المتوسطة بين طرفي الأضداد
__________________
(١) فصّلت : ٣٠.