الّتي هي الرذائل الواقعة في طريق الإفراط والتفريط فبعد تحقّق ذلك كلّه يحصل حقيقة الإيمان بجميع حدوده وشرائطه ومراتبه ، ولذا فسّر الإيمان في قوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) (١) بالولاية في أخبار كثيرة بل من طرق العامة أيضا كما فسّر بها أيضا والثلاثة بالثلاثة في قوله : (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ، وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) (٢) فلا إيمان الّا بالولاية ومعها ، بل هي هو وهو هي ، ولا تنال الشفاعة فاقدا لها.
ولذا ورد في النبوي من طرق الخاصة والعامة : حبّ علىّ حسنة لا تضرّ معها سيّئة وبغض علىّ سيّئة لا ينفع معها حسنة (٣).
فالتصديق بالولاية كاشف عن التصديق بالنّبوة كما أنّ التصديق بالنبوّة كاشف عن التصديق بالتوحيد ، بمعنى أن كلّا منها مصحّح ومتمّم لسابقه وكاشف عن صحّته ووقوعه بل إذا وقع السابق على الوجه المرضي المأمور به لحقه المتأخر لا محالة وإلّا لم يكن السابق أصلا بمعنى أنّه لم يتحقّق.
ولذا لا يعدّ اليهود والنصارى من أهل التوحيد ولو عدّوا فلا ينفعهم توحيدهم ، كما لا ينفع أهل السنّة تصديقهم الظاهري بالشهادتين ، فإنّ هذا كلّه من شعب التصديق الظاهري الأوّلى في عالم الذّات قبل الابتلاء والتمحيص ، وليس منه في القلب أثر ، ولذا ينتفى بل ينقلب كفرا بالامتحان ليميز الله الخبيث من الطّيب ، وكذا الّذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ، فإن الإيمان الظاهري البدني تتبعه الأحكام الظاهريّة البدنيّة ، والإيمان الحقيقي القلبي تتبعه الأحكام الواقعة المعنوية الحقيقية.
ولذا قال السيّد السّجاد في دعائه الذي رواه الثمالي : أللهم إنّ قوما امنوا
__________________
(١) المائدة : ٥.
(٢) الحجرات : ٧.
(٣) ينابيع المودة ج ١ ص ٢٧٠ عن المناقب للخوارزمي ص ٧٦ ح ٥٦.