السَّبِيلَا) (١) ، (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) (٢).
وبالجملة فجميع الفيوض التي تصل من الله إلى عبده إنما تصل من جهة التربية والإفاضة والتكميل ، وقد سمعت أنه سبحانه من حيث ذاته هو المجهول المطلق ، وليس للخلق طريق إلى معرفته إلا من حيث ظهوره في المظاهر الفعلية ، وتجلّيه في المجالى الأسمائية ، وهذا هو السر في تعدّد أسمائه (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٣).
فمن حيث ظهور فعله بصفة الخلق خالق ، وبصفة الرزق رازق ، وبصفة الرحمة الواسعة والمكتوبة هو الرحمن الرحيم ، ومن حيث ربوبيّته لخلقه يسمّى بالرب ، وهذه الربوبية جامعة لأركان العرش الأربعة وهي الخلق ، والرزق ، والإحياء ، والإماتة المشار إليها في الآية الكريمة : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (٤).
فالربوبية بشمولها جامعة لجميع الفيوض الواصلة إلى الخلق حين الخلقة وبعدها في الوجود والبقاء وأسباب المعاش والمعاد للأبرار والفجار (كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) (٥) إذ لا بخل في المبدء الفياض ، وبه يسعد السعيد وبه يشقى الشقي (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (٦) (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً) (٧).
__________________
(١) الأحزاب : ٦٧.
(٢) الأحزاب : ٦٨.
(٣) الإسراء : ١١٠.
(٤) الروم : ٤٠.
(٥) الإسراء : ٢٠.
(٦) النساء : ٧٨.
(٧) الأعراف : ٥٨.