تعالى : (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) (١) وقال : (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٢) ، واليه الاشارة بقول مولينا أمير المؤمنين عليهالسلام.
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله |
|
وأبدانهم قبل القبور قبور |
وكلّ امرء لم يحيي بالعلم ميّت |
|
وليس له حتى النشور نشور (٣) |
وبالجملة صاحب الخلق السّيّئ ترى صدره ضيّقا حرجا وهو لا يزال في ضيق وضنك من العيش ، وهو ضمّة القبر له في الدنيا وفي البرزخ أيضا.
ولذا لمّا مات سعد بن معاذ (٤) وشيّعه سبعون الف ملك ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله في تشييعه بلا حذاء ولا رداء تأسيا بالملائكة ، ولحدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله وسوّى عليه اللبن بيده الشريفة ، فقالت امّ سعد يا سعد هنيئا لك الجنّة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا امّ سعد مه لا تجزمي على ربّك ، إنّ سعدا قد أصابته ضمّة ، إنّه كان في خلقه مع أهله سوء (٥).
وبعد ذلك كلّه ينكشف سرّ قوله : (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٦) وقوله : (وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٧) وقوله : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٨).
__________________
(١) الممتحنة : ١٣.
(٢) فاطر : ٢٢.
(٣) الديوان المنسوب الى أمير المؤمنين عليهالسلام.
(٤) سعد بن معاذ الصحابي الأنصارى كان سيّد الأوس توفّي سنة (٥) ه بعد غزوة الأحزاب بسهم أصابه في تلك الغزوة ـ العبر ج ١ ص ٧.
(٥) بحار الأنوار : ج ٧٣ / ٢٩٧.
(٦) العنكبوت : ٥٤.
(٧) الصافات : ٣٩.
(٨) الزلزال : ٦ ـ ٧ ـ ٨.