الطريق مسدود والطلب مردود.
وربما يذكر بعده قسم آخر وهو دليل تلك الربوبية وصفتها وآيتها ، أي العين التي تستدل بها عليها ، وهي لا ذكر ولا عين ولا ظهور للمربوبية فيها بوجه من الوجوه لأنها وجه الله ودليله ، فلو كانت فيها كثرة لعرفنا الله بالكثرة ، لأن معرفة الوجه عين معرفة ذي الوجه ، وهو معنى قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «يا من دل على ذاته بذاته» (١).
قلت : وهذه الربوبية إما عين الأولى أو غيرها ، فعلى الأول لا تعدد ، وعلى الثاني ليست إذ لا مربوب على ذلك الوجه ، مع أنه إذا لم يكن للمربوبين فيها ذكر ولا عين ولا ظهور ، فكيف تكون دليلا لهم «تعالى الله عن ذلك».
وأما قوله : «يا من دل على ذاته بذاته» ، فكل من الذات المدلول عليها والذات الدالة هي الذات البحت ، لكن الدلالة هي ما خلق من وصفه لخلقه بذواتهم في الخطاب الفهواني.
كما قال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : «بها تجلى صانعها للعقول» (٢).
أو بآياته وأمثاله في الآفاق وفي أنفسهم أو بما أشرق على خلقه من صفة وحدته التي يستدلون بها على وحدانيته ، أو أن المدلول عليها هي الذات البحت أيضا والدلالة هي معانيه ، أي معاني أفعاله المشار إليها في خبر جابر بقوله : يا جابر أو تدري ما المعرفة؟ المعرفة إثبات التوحيد أولا ثم معرفة المعاني ثانيا ، ثم معرفة الأبواب ثالثا إلى أن قال : وأما المعاني فنحن معانيه صلوات الله عليهم (٣).
أو أن المدلول عليها هي المعاني عليهمالسلام ، والدلالة هي العلامات والمقامات التي
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٨٧ / ٣٣٩ ، ح ١٩.
(٢) بحار الأنوار : ج ٤ / ٢٣٠ ، ح ٣.
(٣) بحار الأنوار : ج ٢٦ / ١٣ ـ ١٤ ح ٢.