يقضيه مقام التمدّح.
واعترض صدر المحقّقين على البيضاوي بأنّه ليس فيه دليل على ذلك إذ الشيء التدريجي لما كان حصوله على هذا الوجه فجميع زمان وجوده هو بعينه زمان حدوثه ، فالنّامى مثلا زمان نموّه من أوّل نشوه إلى منتهى كماله المقداري هو زمان حدوث مقداره الحاصل له شيئا فشيئا وكفعل الصلوة فان زمانه من لدن أوّل تكبيرة الافتتاح إلى آخر تسليم الاختتام كلّه وقت الحدوث لا وقت البقاء.
نعم فيه دليل على أنّ العالم تدريجيّ الحصول متدرّج في التكوّن بناء على أنّ جواهر هذا العالم والصّور الطّبيعيّة للأجرام السّماويّة والأسطقسيّة كلّها تدريجيّة الكون سيّالة الحصول غير قارّة الوجود كالحركة القطعيّة ومقدارها من الزّمان (١).
قلت : أمّا دلالة الآية على حدوث العالم بجميع أجزائه وجزئيّاته بمعنى افتقاره إلى القيّوم المبدع فممّا لا خفاء فيها غير أنّ معنى الحادث يختلف باختلاف أجزائه لتبعيّته للحوادث فحدوث عالم الملك من الأجسام الفلكيّة والعنصريّة أعنى من المحدّد الأعلى إلى الأرض السّابعة السّفلى حدوث زماني أي حدثت مصاحبة مساوقة له من دون تقدّم لأحدهما على الآخر فانّهما كفرسي رهان ورضيعي لبان ، بل هما كذلك مع المكان فالثلاثة متساوقة في الوجود وحدوث عالم الملكوت ، أي الأرواح المجرّدة دهريّ بنحو ما مرّ في الزّمان وحدوث عالم الجبروت.
أعني الفعل والإبداع سرمديّ والكلّ حادث ذاتي ، وإن كان الثّاني قديما
__________________
(١) تفسير صدر المتألهين ج ١ / ٨١ ـ ٨٢.