ورطوبته الحاصلة من جعله قابلا مستعدّا بعد أن لم يكن شيئا أصلا ، فإنّه سبحانه هو معطي القابليّات والاستعدادات ، فأعطى كلّ شيء خلقه ثمّ هدى الى ما يحصل به الفعليّة والكمال.
ويبوسته الحافظة للعطايا المفاضة عليه ، وهذه الطبائع الأربعة سارية في جميع أجزاء الكون. والكون متقدّم بها قيام تحقّق ، ولذا قيل مشيرا الى ذلك والى ما تقدّم من أنّ لكلّ شيء ملكا وملكوتا وبرزخا بينهما : «إنّ كلّ شيء مثلّث الكيان مربع الكيفيّة ، وهذا هو الحقّ في تفسير العبارة الّتي قضيّة كليّتها سريان حكمها في كلّ شيء ، لا ما قيل : من أنّ المقصود المواليد الثلاثة والأركان الأربعة الّتي هي العناصر الأربعة.
وأمّا الأربعة المحسوسة الملموسة فهي من أشعّة ظهورها الساطعة في عالم الناسوت على وجه يقتضيه المظهر ، وحيث إنّ ثنتين منها فاعلتان ، والأخريين منفعلتان ، حصلت من اجتماع كلّ مع كلّ الأصول والأربعة الّتي هي الإمكان والعناصر والأسطقسّات ، كلّ باعتبار ، ومن تركّبها وازدواجها المواليد الثلاثة بأنواعها وأصنافها وجزئياتها وخواصّها وآثارها ما يترتّب عليها ، وكالنفوس الأربعة المذكورة في خبر كميل والأعرابي عن مولينا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام (١).
وحيث إنّ بيانها وتحقيق مراتبها يفضي الى التطويل اقتصرنا فيها كغيرها من العوالم السابقة واللاحقة على نوع الإشارة روما للاختصار وحذرا من التكرار ، فإنّك ستسمع الكلام في كلّ منها إن شاء الله تعالى في الموضع اللائق به.
__________________
(١) رواه المجلسي قدسسره في البحار ج ٦١ ص ٨٤ ـ ٨٥ عن بعض كتب الصوفيّة ، ولكن قال : هذه الاصطلاحات لم تكد توجد في الاخبار المعتبرة.