الروحانية والجسمانية وهذه الإطلاقات وإن كانت جارية في العالم ، فلا يستوعب جميع المخلوق على بعض الوجوه ، إلا أن العالمين يستوعب جميع الأفراد من جميع الأجناس ، وبالجملة جميع ما سوى الله بالشمول الجمعي أو المجموعي أو الأفرادي ، فيحمل عليه ما لم يقم قرينة على خلافه ، فلا يصغي حينئذ إلى ما ربما يقال : من أن العالمين أيضا له إطلاقات فيطلق على الإنس والجن كقوله (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) (١) وعلى الإنس كقوله : (بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) (٢) وعلى أهل الكتاب كقوله : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) ، على خصوص المؤمنين كقوله : (وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) ، وعلى المنافقين : (أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) ، وعلى أهل كل قرن من القرون : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) ، وعلى مجموع السموات والأرض وما بينهما كما في قوله : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) ، وعلى كل ما سوى الله كما في آية الحمد.
إذ فيه : أن الظاهر إرادة المعنى الأخير منه في سائر الموارد أيضا ، واختصاص المورد لا يقتضي باختصاص المعنى بعد صلاحية الإطلاق في الجميع ، ومساعدة الوضع في توافق العالمين.
قد سمعت التصريح في الخبر المتقدم عن مولانا الصادق عليهالسلام بانقسام العالم إلى العالم الصغير والكبير ، وقد وقع التلويح به في أخبار أخر أيضا ، كما روى عنه عليهالسلام أن الصورة الإنسانية هي أكبر حجة لله على خلقه ، وهي الكتاب الذي كتبه بيده ، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته ، وهي مجموع صور العالمين ، وهي المختصر
__________________
(١) الفرقان : ١.
(٢) الأنبياء : ٧١.