مراتب الوجود وآخرها ، ولذا (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (١) أي سموات العقول والأرواح وغيرها من المجردات التي لا تعلق لها بمادة أو بمدة ، وأرض النفوس والأجسام وغيرها من الماديّات التي هي كالقشور والأكمام الكثافات ، فلمّا تمت الأدوار وعادت الأكوار وكملت الأنوار واستخبت الأسرار بدأ خلق الإنسان من طين ، ثم جعل نسله من ماء مهين في قرار مكين ، وحيث إنّ أول السنة يوم السبت المتعلق برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لكنه أول ما خلق الله فكان خلق الإنسان في يوم الجمعة لكونه مجمعا للعوالم الكلية ، ولذا سمي به.
وإليه الإشارة بقول مولانا الصادق عليهالسلام على ما رواه في «الكافي» قال : «إنّ الله عزوجل لما أراد أن يخلق آدم على نبينا وآله وعليهالسلام بعث جبرئيل في أول ساعة من يوم الجمعة فقبض بيمينه قبضة من السماء السابعة إلى السماء الدنيا وأخذ من كل سماء تربة ، وقبض قبضة أخرى من الأرض السابعة العليا إلى الأرض السابعة القصوى فأمر الله كلمته فأمسك القبضة الأولى بيمينه والقبضة الأخرى بشماله» (٢) الخبر.
وذلك أن الله تعالى خلق ألف ألف عالم وألف ألف آدم ، ونحن في آخر العوالم وآخر الآدميين ، فأول ساعة من يوم الجمعة إشارة إلى أول آخر مراتب العوالم بأجمعها ، وهو يوم جمع فيه مراتب الوجود الكلية من عالم المشية والعقل والنفس والروح والمثال والطبيعة والعنصر ، فبدأ خلقه من الطين الذي هو مجمع القابليات ، ومحل الاستعدادات ، ومطرح أشعة التجليات والإشراقات ، ثم أفيض عليه من القوى والأنوار مبتدأ من الأخسّ الذي هو القوى النباتية ثم الحيوانية
__________________
(١) الأعراف : ٥٤.
(٢) بحار الأنوار : ج ٦٧ / ٨٧ ، ح ١٠ ، عن «الكافي» : ج ٢ / ٥.