وقد سمعت فيما أسلفناه أنّ الأسماء المشتركة لا تطلق على الله وعلى خلقه بمعنى واحد من باب الاشتراك المعنوي ، وليس إطلاقه على خلقه من باب السنخيّة والفرع والظلّ وغير ذلك بل المغايرة بين الوصفين كالمغايرة بين الذّاتين فله معنى المالكيّة إذ لا مملوك والملكيّة إذ لا ملك وبهذا الاعتبار يكونان من صفات الذّات بمعنى اتّحادهما للذّات بلا مغايرة حقيقيّة أو اعتباريّة أو خارجيّة كرجوع الصّفات الذّاتيّة إلى الوجود الحقّ البحت المجرّد وله معنى المالكيّة والملكيّة في فعله بمعنى له الخلق والأمر فبيده ناصية كلّ شيء وحكمه نافذ في كلّ شيء وبقيّوميّته قامت الأشياء كلّها فمالكيّته عامة تامّة ولا تتمّ إلّا بالملكيّة ، وملكيّة تامّة عامّة ولا تتمّ إلّا بالمالكيّة ، وأين هذا من معنى المالكيّة في المخلوق إذ ليس إلّا أمرا جزئيّا ارتباطيّا اعتباريّا شرعيّا قد اعتبر الشّارع بين العباد لرفع حوائجهم وإصلاح حالهم في أمر المعاش والمعاد ، مع أنّه هو المالك لما ملّكهم والقادر على ما عليه أقدرهم ، وكذا معنى الملكيّة فيه استيلاء لغلبية أو جعليّة شرعيّة لو قيل بشمولها لمثل الإمامة ويؤمي إلى احتواء كلّ من الملكيّة والمالكيّة في حقّه تعالى على الآخر قوله : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ) (١) فأضاف المالك إلى مبدء الآخر وإليه الإشارة بلام التّمليك في قوله : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٢) ، (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) (٣).
ثمّ لو سلّمنا اختلاف المعنيين في قوله تعالى ، ورجحان أحدهما على الآخر في نفسه لكن لا يخفى انّ ذلك لا يقضى بتعيّن الرّاجح في المقام إذ لا خلاف في كونهما اسمين لله وقد وردا معا في الكتاب العزيز ، فالتّعيين بالمرجّح من قبيل إثبات اللّغة بالقياس ، سيّما بعد ورود القراءة بكلّ منهما وورود الرّخصة بل الأمر عن
__________________
(١) آل عمران : ٢٦.
(٢) الحديد : ٢ و ٥.
(٣) الليل : ١٣.