فقال : مسألة يا بن رسول الله قال : سل يا مفضل ، قال : ما منتهى علم العالم؟ قال : قد سئلت جسيما ولقد سئلت عظيما ما السماء الدنيا في السماء الثانية الّا كحلقة درع ملقاة في أرض فلاة ، وكذلك كلّ سماء اخرى ، وكذلك السماء السابعة عند الظلمة ، ولا الظلمة عند النور ، ولا ذلك كلّه في الهواء ولا الأرضون بعضها في بعض ، ولا مثل ذلك كلّه في علم العالم يعنى الامام إلا مثل مدّمن خردل دققته دقا ثم ضربته بالماء حتّى إذا اختلط ورخا (١) أخذت منه لعقة بإصبعك ولا علم العالم في علم الله تعالى إلّا مثل مدّمن خردل دققته دقّا ثم ضربته بالماء حتى إذا اختلط ورغا انتهزت منه برأس ابرة نهزة (٢).
الى غير ذلك من الاخبار الكثيرة التي ستسمع الكلام فيها عند تفسير قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ) (٣).
وكان مولينا أمير المؤمنين عليهالسلام يقول غير مرّة على ما رواه المخالف والمؤالف : سلوني قبل ان تفقدوني فأنا بطرق السماء اعلم منى بطرق الأرض (٤).
قد علّم بعض أصحابه علم البلايا والمنايا ، وقصّة رشيد الهجري وحبيب بن مظاهر ، وميثم التّمار مشهورة مذكورة في كتب الرجال وغيرها ، وإرائتهم ملكوت السموات والأرضين لأبى بصير وغيره مشهور مستفيض.
وانكار غرائب أحوال سلمان ممّا لا يليق باهل الإيمان فاذا عرفت أحوال أصحابهم فما ظنّك بهم فإنّهم نور الله المخزون ، وسرّ الله المكنون ، وامره بين الكاف
__________________
(١) رخا اللبن : صار له رغوة أى الزيد.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢٥ / ٣٨٥ ح ٤٣ ـ والانتهاز : الأخذ بالسرعة.
(٣) آل عمران : ١٧٩.
(٤) ينابيع المودة ص ٦٦ ط اسلامبول وعنه ملحقات الإحقاق ج ٧ ص ٦١٨.